155

ইখওয়ানুস সাফার রসাইল

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

জনগুলি

اعلم يا أخي أن العالم بأسره مضيء بنور الشمس والكواكب، وليس فيه إلا ظلمتان: إحداهما ظل الأرض، والأخرى ظل القمر، وإنما صار لهذين الجسمين الظل من أجل أنهما غير نيرين ولا مشفين، وأما النور الذي يرى على وجه القمر فإن ذلك من إشراق الشمس على سطح جرمه ولانعكاس شعاعاتها كما يرى مثل ذلك في وجه المرآة إذا قابلت الشمس، وأما سائر الأجسام التي في العالم فبعضها نير ونورها ذاتي لها، وهي: الشمس والكواكب والنار التي عندنا، وأما باقي الأجسام فكلها مشفات وهي الأفلاك والهواء والماء وبعض الأجسام الأرضية كالزجاج والبلور وما شاكلها، والأجسام النيرة: هي التي نورها ذاتي، والأجسام المشفة هي التي ليس لها نور ذاتي ولا لون طبيعي، ولكن إذا قابلها جسم نير سرى نوره في جميع أجزائها مرة واحدة؛ لأن النور صورة روحانية، ومن خاصية الصور الروحانية أن تسري في الأجسام دفعة واحدة، وتنسل منها دفعة واحدة بلا زمان، فإذا حال بين الأجسام النيرة وبين الأجسام المشفة حائل غير مشف منع نور النير أن يسري في الجسم المشف، والنور في جرم الشمس والكواكب والنار ذاتي لها، وأما في أجرام الأفلاك والهواء والماء فعرضي، وأما جرم الأرض والقمر فلما كانا غير نيرين ولا مشفين صار لهما الظل؛ لأن النور لا يسري فيهما كما يسري في الأجسام المشفة، غير أن جرم القمر صقيل يرد النور كما يرد وجه المرآة، وسطح جرم الأرض غير صقيل، فهذا هو الفرق بينهما.

(22) فصل في علة الكسوفين

واعلم يا أخي أنه لما كان جرم الأرض وجرم القمر كل واحد منهما أصغر من جرم الشمس صار شكل ظليهما مخروطا، وشكل المخروط هو الذي أوله غليظ وآخره دقيق، حتى ينقطع من دقته، فظل الأرض يبتدئ من سطحها، ويمتد في الهواء منخرطا، حتى يبلغ إلى فلك القمر، ويمتد في سمكه حتى يبلغ إلى فلك عطارد، ويمتد في سمكه أيضا إلى أن ينقطع هناك، فطوله من سطح الأرض إلى حيث ينقطع في فلك عطارد مثل قطر الأرض مائة مرة وثلاثون مرة، فيكون في سمك الهواء منه ستة عشر جزءا ونصف، وفي سمك فلك القمر مثل ذلك، وسبعة وستون جزءا منه في سمك فلك عطارد إلى حيث ينقطع، ويكون قطر هذا الظل حيث يمر القمر في وقت مقابلة الشمس مثل قطر جرم القمر مرتين وثلاثة أخماس، فإذا اتفق أن تكون الشمس عند إحدى العقدتين اللتين تسميان الرأس والذنب، فيكون مرور القمر في سمك الظل كله ممنوعا عنه نور الشمس، فينكسف ثم يخرج من الجانب الآخر وينجلي.

وأما ظل جرم القمر فيبتدئ من سطح جرمه ويمتد منخرطا في سمك بعضه، والباقي في سمك الهواء، ويقطعه حتى يصل إلى وجه الأرض، فيكون قطر استدارته على وجه الأرض هناك مقدار مائة وخمسين فرسخا، يزيد وينقص بقدر بعد القمر عن الأرض وقربه منها، وهذا في وقت اجتماعه مع الشمس، فإن اتفق اجتماعهما عند إحدى العقدتين نرى القمر محاذيا لأبصارنا ولجرم الشمس فيمنع عنا نورها، فنراها منكسفة، وإذا كان القمر في غير هذين الموضعين - أعني الاجتماع والاستقبال - يكون إلى أحد الموضعين أقرب، فإن كان قربه إلى الاجتماع أكثر كان رأس مخروط ظله في سمك الهواء، وإن كان إلى الاستقبال أقرب كان رأس مخروط ظله في سمك فلكه أو في سمك فلك عطارد، وأما رأس مخروط ظل الأرض فإلى الدرجة المقابلة لدرجة الشمس في أي برج كانت، ويدور أبدا في مقابلة الشمس إذا كانت من فوق الأرض فظل الأرض تحتها، وإن كانت تحت الأرض فظل الأرض فوقها، وإن كانت بالمشرق فظل الأرض إلى ناحية المغرب، وإذا صارت بالمغرب صار الظل إلى ناحية المشرق، وهذا دأبهما دائما يكونان حول الأرض وهما الليل والنهار.

(23) فصل في أن الفلك طبيعة خامسة

واعلم يا أخي أن معنى قول الحكماء: إن الفلك طبيعة خامسة، إنما يعنون أن الأجسام الفلكية لا تقبل الكون والفساد والتغيير والاستحالة والزيادة والنقصان، كما تقبلها الأجسام التي تحت فلك القمر، وأن حركاتها كلها دورية.

واعلم أن للأجسام صفات كثيرة، فمنها ما تشترك الأجسام كلها فيها، ومنها ما يختص ببعضها دون بعض، فالصفات التي تشترك فيها الأجسام كلها الطول والعرض والعمق فحسب.

واعلم أن الصفات إنما هي صور تحصل في الهيولى، فيكون الهيولى بها موصوفا، فمن هذه الصورة التي تسمى الصفات مهايا ذاتية للجسم مقومة لوجدانه، كالطول والعرض والعمق؛ لأنها متى بطلت عن الجسم بطل وجدان الجسم، ومن الصورة ما هي متممة للجسم مبلغة إلى أفضل حالاته، وهذه الصورة تختص ببعض الأجسام دون بعض، وربما يشترك فيها عدة أجسام فمن الصور المتممة ما يشترك فيها الأجسام الفلكية والطبيعية، وهي الشكل والحركة والنور والشفافة واليبس الذي هو تماسك الأجزاء، ومما يختص بالأجسام الطبيعية الحرارة والبرودة والثقل والتغيير والخفة والاستحالة والحركة على الاستقامة وما شاكلها، والذي يختص بالأجسام الفلكية سلب هذه الصفات كلها ، فمن أجل هذا قيل إنها طبيعة خامسة؛ لأنها ليست حارة ولا باردة، ولا رطبة ولا ثقيلة ولا خفيفة، ولا يستحيل بعضها إلى بعض، فيكون منها شيء آخر، ولا يزيد في مقاديرها ولا ينقص؛ لأن الباري - جل ثناؤه - أبدعها كلها، واخترعها تامة كاملة، فهي باقية بحالاتها إلى وقت ما يريد باريها - عز وجل - أن يفنيها كيف شاء، كما أبدعها وصورها واخترعها وركبها وحركها ودبرها، فتبارك الله أحسن الخالقين!

(24) فصل في إبطال قول المتوهمين غير الحق

واعلم يا أخي أن كثيرا من أهل العلم ظنوا أن معنى قول الحكماء إن الفلك طبيعة خامسة أنه مخالف لهذه الأجسام الطبيعية في كل الصفات، وليس الأمر كما ظنوا؛ لأن العيان يكذبهم، وذلك أن القمر أحد الأجسام الفلكية، وقد يرى فيه اختلاف قبول النور والظلمة كما يرى في الأجسام الأرضية وله ظل كظلالها، وهو غير مشف مثل الأرض، والأفلاك كلها تشارك الهواء والماء والبلور والزجاج في الإشفاف، والشمس والكواكب تشارك النار في النور، وكلها يشارك الأرض في اليبس، فقد بان بهذا أنهم لم يريدوا بقولهم طبيعة خامسة إلا الحركة الدورية، وأنها لا تقبل الكون والفساد والزيادة والنقصان، كما تقبله الأجسام الطبيعية.

অজানা পৃষ্ঠা