الحسين ﵁، فإنه باتفاق الناس: أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمائة وأنه نقل من مشهد بعسقلان! وأن ذلك المشهد - بعسقلان - كان قد أحدث بعد التسعين وأربعمائة.
* فأصل هذا المشهد القاهري هو ذلك المشهد العسقلاني.
وذلك العسقلاني محدث بعد مقتل الحسين بأكثر من أربعمائة وثلاثين سنة، وهذا بعد مقتله بقريب من خمسمائه سنة، وهذا مما لم يتنازع فيه اثنان ممن تكلم في هذا الباب من أهل العلم، على اختلاف أصنافهم - كأهل الحديث، ومصنفي أخبار القاهره، ومصنفي التواريخ، وما نقله أهل العلم طبقة عن طبقة (١) .
وهذا بينهم مشهور متواتر، سواء قيل: إن إضافته إلى الحسين صدق أو كذب - لم يتنازعوا أنه نقل من عسقلان في أواخر الدولة العبيدية.
* وإذا كان أصل هذا المشهد القاهري هو ما نقل عن ذلك المشهد العسقلاني باتفاق الناس وبالنقل المتواتر، فمن المعلوم أن قول القائل: إن ذلك الذي بعسقلان هو مبنى على رأس الحسين ﵁: قول بلا حجة أصلا.
فإن هذا لم ينقله أحد من أهل العلم الذين من شأنهم نقل هذا لا من أهل الحديث.
ولا من علماء الأخبار والتواريخ، ولا من العلماء المصنفين في النسب: نسب قريش أو نسب بني هاشم ونحوه.
* وذلك المشهد العسقلاني: أحدث في آخر المائة الخامسة، لم يكن قديما، ولا كان هناك مكان قبله، أو نحوه مضاف إلى الحسين، ولا حجر منقوش ولا نحوه مما يقال، إنه علامة على ذلك.
* فتبين بذلك: أن إضافة المضيف مثل هذا إلى الحسين قول بلا علم أصلا.
وليس مع قائل ذلك ما يصلح أن يكون معتمدا، لا نقل صحيح ولا
ضعيف، بل لا فرق بين ذلك وبين أن يجئ الرجل إلى بعض القبور التي
_________
(١) يقول القرطبي في التذكرة (٢ / ٦٦٨): (والإمامية تقول إن الرأس أعيد إلى الجثة بكربلاء بعد أربعين يوما من القتل، وهو يوم معروف عندهم يسمون الزيادة فيه زيادة الأربعين، وما ذكر أنه في عسقلان في مشهد هناك أو بالقاهرة فشئ باطل لا يصح ولا يثبت) م هـ.
(*)
1 / 187