الْفَصْل الأول المعاجم الْعَرَبيَّة
لفظ مُعْجم لُغَة وَاصْطِلَاحا
إِن الهدف الأساسي من المعجم إِزَالَة الغموض عَن الْأَلْفَاظ وكشف الْإِبْهَام عَن الْكَلِمَات ومادة ع ج م فِي اللُّغَة للدلالة على الْإِبْهَام عَن الْكَلِمَات ومادة ع ج م فِي اللُّغَة للدلالة على الابهام والإخفاء وَعدم الْبَيَان والإفصاح والأعجم الَّذِي لَا يفصح والأعجم أَيْضا كل كَلَام لَيْسَ بعربي واستعجمت الدَّار عَن جَوَاب السَّائِل سكتت وَصَلَاة النَّهَار عجماء لِأَنَّهُ لَا يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَقد عجم الْعود إِذا عضه ليعلم صلابته من خوره
وَإِذا مَا زيدت الْهمزَة فَقيل أعجم دلّ ذَلِك على إِزَالَة الْإِبْهَام والخفاء
قَالَ ابْن جنى ... . ثمَّ انهم قَالُوا أعجمت الْكتاب إِذا بَينته وأوضحته فَهُوَ إِذا لسلب معنى الاستبهام لَا إثْبَاته وَأما صِيغَة فعل بالتضعيف فَإِنَّهَا تَأتي لتدل على عكس ذَلِك فتعجيم الْكتاب تنقيطه كي تستبين عجمته وَيصِح وَفِي الصِّحَاح
1 / 7
مَادَّة ع ج م المعجم النقط بِالسَّوَادِ مثل التَّاء عَلَيْهِ نقطتان يُقَال اعجمت الْحَرْف والتعجيم مثله وَمِنْه حُرُوف المعجم وَهِي الْحُرُوف الْمُقطعَة الَّتِي يخْتَص أَكْثَرهَا بالنقط من بَين سَائِر حُرُوف الِاسْم وَمَعْنَاهُ حُرُوف الْخط المعجم كَمَا تَقول مَسْجِد الْجَامِع وَصَلَاة الأولى أَي مَسْجِد الْيَوْم الْجَامِع وَصَلَاة السَّاعَة الأولى وناس يجْعَلُونَ المعجم بِمَعْنى الاعجام مصدرا مثل الْمخْرج والمدخل أَي من شَأْن هَذِه الْحُرُوف أَن تعجم
ولإزالة هَذَا اللّبْس فِي تصريف مَادَّة ع ج م فِي كَلَامهم يشْرَح ابْن جنى فكرة السَّلب هَذِه ويمثل لَهَا فَيَقُول اعجمت وَزنه أفعلت وأفعلت هَذِه وَإِن كَانَت فِي غَالب أمرهَا إِنَّمَا تَأتي للإثبات والإيجاب نَحْو أكرمت زيدا أَي أوجبت لَهُ الْكَرَامَة فقد تَأتي أفعلت أَيْضا يُرَاد بهَا السَّلب وَالنَّفْي وَذَلِكَ نَحْو اشكيت زيدا إِذا زلت لَهُ عَمَّا يشكوه فَكَذَلِك أَيْضا يكون قَوْلنَا اعجمت الْكتاب أَي أزلت عَنهُ استعجامه وَنَظِيره أَيْضا اشكلت الْكتاب أَي أزلت اشكاله وَقد قَالُوا أَيْضا عجمت الْكتاب فَجَاءَت فعلت للسلب أَيْضا
وَمن معنى السَّلب هَذَا أطلقت لَفْظَة مُعْجم على الْكتاب الَّذِي يُرَاعى فِي تَرْتِيب الْحُرُوف فَكَانَ هَذَا الْكتاب يزِيل إِبْهَام هَذِه الْمَادَّة الْمرتبَة على حُرُوف المعجم ويبينها ويوضحها بِمَا يجمعه من مواد لغوية وَغير لغوية منسقا لَهَا ومرتبا أياها على حُرُوف المعجم
1 / 8
وَإِذا نرى أَن الْكتب الَّتِي راعت فِي ترتيبها حُرُوف الهجاء أَي مُرَاعَاة فِي الْحَرْف الأول وَحده اَوْ فِي الحرفين الْأَوَّلين اَوْ فِي حروفها جَمِيعًا وعَلى تَرْتِيب الْفَاء بَاء أَو تَرْتِيب المخارج أَو تَرْتِيب الابجدية بِأَنَّهَا تسير على حُرُوف المعجم فأطلقت أول مرّة على سَبِيل الْإِشَارَة فِي عنوان الْكتاب إِلَى مادته مرتبَة على الْحُرُوف فقد نسب ابْن النديم لبزج بن مُحَمَّد الْعَرُوضِي كتاب مَعَاني الْعرُوض على حُرُوف المعجم وَنسب ياقوت لحبيش بن مُوسَى الضَّبِّيّ كتاب الأغاني على حرف المعجم وكلا الْكِتَابَيْنِ من كتب الْقرن الثَّالِث ويبدو أَن النَّاس اكتفوا بِكَلِمَة الْحُرُوف بِحَذْف كلمة المعجم للدلالة على حُرُوف المعجم هَذَا مَا نجده مثلا فِي كتاب صناعَة الْغناء وأخبار المغنين وَذكر الْأَصْوَات الَّتِي غنى فِيهَا على الْحُرُوف لقريض المغنى
مَتى أطلق لفظ المعجم
لَا تَسْتَطِيع الْجَزْم مَتى أطلق المعجم على هَذَا الِاسْتِعْمَال ذَلِك أَمر لَا يُسْتَطَاع لضياع كثير من كتبنَا وآثارنا وَأول مَا عرف كَانَ فِي الْقرن الثَّالِث على يَد رجال الحَدِيث الَّذين سبقوا اللغويين فِي اسْتِخْدَام المعجم وَأول كتاب أطلق عَلَيْهِ اسْم المعجم هُوَ مُعْجم الصَّحَابَة لأبي يعلى أَحْمد بن الْمثنى بن يحيى بن عِيسَى بن هِلَال التَّمِيمِي الْموصِلِي الْحَافِظ مُحدث الجزيرة ت ٢٠٧ هـ والمعجم
1 / 9
الْكَبِير والمعجم الصَّغِير فِي أَسمَاء الصَّحَابَة لأبي الْقَاسِم عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ الْمُحدث الْمَعْرُوف بِابْن منيع ت ٣١٥ هـ ثمَّ أطلقت فِي الْقرن الرَّابِع على كثير من الْكتب وأشهرها المعجم الْكَبِير وَالصَّغِير والأوسط فِي قراءات الْقُرْآن وأسمائه لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش الْموصِلِي ت ٣٥١ هـ ومعجم الشُّيُوخ لأبي الْحُسَيْن عبد الْبَاقِي بن قَانِع بن مَرْزُوق الْبَغْدَادِيّ ت ٣٥١ هـ والمعجم الْكَبِير والأوسط وَالصَّغِير لأبي الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد الطَّبَرَانِيّ ٣٦٠ هـ ومعجم الشُّيُوخ لعمر بن عُثْمَان الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شاهين ت ٣٨٥ هـ ومعجم الصَّحَابَة لِأَحْمَد بن عَليّ المهداني الْمَعْرُوف بِابْن لال ت ٣٩٨ هـ وعنهم أَخذه اللغويون
الْأُمَم الَّتِي سبقت الْعَرَب فِي تأليف المعجم
لم يكن الْعَرَب أول من ابتكر تأليف المعجم بل سبقهمْ إِلَى ذَلِك الآشوريون والصينيون واليونان والهنود فقد وضع الآشوريون معجماتهم خوفًا على لغتهم من الضّيَاع فِي حِين تركُوا نظام الْكِتَابَة الرمزية الْقَدِيمَة مستعينين بذلك بنظام الإشارات المقطعية أَو الألفبائية ذَات الْقيم الصوتية وَبعد مُضِيّ زمن أبهم عَلَيْهِم معرفَة النظام الْجَدِيد فلجأوا إِلَى قَوَائِم عرفوها بطريقتهم الْقَدِيمَة وساعدهم على ذَلِك أَن لغتهم السومرية الْقَدِيمَة لم تكن قد انمحت بعد حَيْثُ أَن الكهنة كَانُوا يستعملونها فِي شعائرهم الدِّينِيَّة وعكفوا على جمعهَا فِي قَوَائِم محفورة على قوالت الطين وأودعوها مكتبة آشور بانيبال الْكَبِيرَة الَّتِي كَانَت بقصر قويو نجيل فِي نِينَوَى
1 / 10
٦٦٨ - ٦٢٥ قبل الميلاد ثمَّ اكتشفت هَذِه القوائم فِي أَعمال التنقيب العلمية فَصَارَت مصدرا مهما لتاريخ الآشوريين
٢ - وَعرف الصينيون المعجمات وأقدم مَا وضع مِنْهَا مُعْجم يوبيان لمؤلفه كويلي وانج وَقد طبع سنة ٥٣٠ بعد الميلاد ومعجم آخر اسْمه شوثان لمؤلفه هوشن وَقد طبع سنة ١٥٠ قبل الميلاد وَهَذَانِ المعجمان هما أساس معجمات الصين واليابان الْمُعْتَبرَة
٣ - وَعرف اليونانيون المعاجم قبل الْعَرَب أَيْضا وعكفوا على وَضعهَا بِكَثْرَة حَيْثُ ذكر اتنيوس خَمْسَة وَثَلَاثِينَ كتابا زَعَمُوا أَنَّهَا قد تكون معجمات وجميعها مفقودة بيد أَن الثَّابِت أَنهم عرفُوا المعجمات الَّتِي يخْتَص اغلبها بمفردات كتاب معِين أَو مَقْصُورَة على مؤلف أَو مَوْضُوع معِين
وأقدم المعجمات اليونانية الْقَدِيمَة مُعْجم يوليوس بولكس وَهُوَ كالمخصص لِابْنِ سَيّده مُرَتّب على الْمعَانِي والموضوعات ومعجم هلاديوس السكندري وَكَانَ فِي الْقرن الرَّابِع الميلادي وَوضع اريون الطَّيِّبِيّ حوالي ٤٥٠ بعد الميلاد مُعْجَمه الاشتقاقي وَقد طبع فِي ليبزج سنة ١٨٢٠ م وهز يشيوس السكندري الْقرن الرَّابِع الميلادي مُعْجم اللهجات والمحليات وامونيوس السكندري مُعْجم مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ وفاليريوس فيلكس عهد السَّيِّد الْمَسِيح
1 / 11
معجما عنوانه فِي مَعَاني الْأَلْفَاظ
٤ - عرف الهنود الْعَمَل المعجمي أَيْضا فقد وضعُوا معجمات لألفاظ اللُّغَة السنسكريتية مرتبَة على الْحُرُوف وَقد نسب إِلَى هَذِه اللُّغَة أَنَّهَا كَانَت ترَتّب حروفها بِحَسب مخارجها
وأقدم المعاجم الْكَامِلَة فَهُوَ مُعْجم امارسنها الَّذِي اشْتهر باسم اماراكوسا الَّذِي وضع قبل الْقرن السَّادِس الميلادي وَهُوَ مُعْجم مترادفات فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب ألحق فِيهِ فصل عَن الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ وَآخر عَن الْكَلِمَات غير المتصرفة وكلمات التَّذْكِير والتأنيث ... وَقد رتب الْمُؤلف جُزْء المترادفات بِحَسب الموضوعات وجزء الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ بِحَسب الْحُرُوف الساكنة فِي أَوَاخِر كَلِمَاته وَوضع ساسفانا مُعْجَمه الْخَاص بالمشترك اللَّفْظِيّ حوالي بداية الْقرن السَّادِس ورتب الموضوعات الَّتِي على أساسها وضعت الْكَلِمَات ترتيبا عجيبا فقد شرح أَولا الْكَلِمَات الَّتِي تحْتَاج لبَيَان مَعْنَاهَا إِلَى بَيت كَامِل ثمَّ الْكَلِمَات الَّتِي تحْتَاج نصف بَيت ثمَّ تِلْكَ الَّتِي تحْتَاج إِلَى ربع بَيت
أما الْعَرَب فَلم يعرفوا المعاجم لأَنهم كَانُوا أمة أُميَّة وَلم تكن حَاجتهم دَاعِيَة إِلَى تأليف مُعْجم حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام فدعَتْ الْحَاجة إِلَى أَن يسْأَلُوا عَن مَعَاني الْكَلِمَات ذَات الِاصْطِلَاح الْجَدِيد كَمَا كَانُوا
1 / 12
يسْأَلُون عَن بعض الْكَلِمَات الَّتِي استغلق عَلَيْهِم فهم مَعْنَاهَا
هَذِه هِيَ أهم ملامح تَارِيخ المعجم لَدَى الْأُمَم الَّتِي سبقت الْعَرَب إِلَى وضع معجماتها وَلكنهَا لم تسبقهم إِلَى الابتكار وَلم تسد عَلَيْهِم بَاب الإبداع الَّذِي ظلّ مشرعا ويظل إِلَى الْأَبَد لِأَن الابتكار وإبداع ليسَا ملكا لأمة أَو وَقفا على أُخْرَى وَقد رَأينَا من الْأَوْصَاف الموجزة الَّتِي وصفت بهَا معجمات الْأُمَم الْقَدِيمَة هَذِه أَنَّهَا تخْتَلف اخْتِلَافا كَبِيرا عَن المعجمات الْعَرَبيَّة منهجا ومادة واستيعابا وترتيبا
1 / 13
المعاجم الْعَرَبيَّة
وللمعاجم الْعَرَبيَّة الشاملة أَي الَّتِي تَشْمَل أَلْفَاظ اللُّغَة كلهَا تَارِيخ طَوِيل فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة وَأول من ألف معجما شَامِلًا هُوَ الْخَلِيل بن أَحْمد الفراهيدي الَّذِي عَاشَ فِي الْقرن الثَّانِي الهجري ١٠٠ - ١٧٥ هـ وَألف مُعْجم الْعين وتتابع بعده تأليف المعاجم إِلَى الْعَصْر الْحَاضِر
وَألف ابْن دُرَيْد المتوفي سنة ٢٥٦ هـ مُعْجم الجمهرة
وَألف أَبُو عَليّ القالي المتوفي سنة ٣٥٦ هـ مُعْجم البارع
وَألف أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِي المتوفي سنة ٣٧٠ هـ مُعْجم التَّهْذِيب
وَألف الصاحب بن عباد المتوفي سنة ٣٨٥ هـ مُعْجم الْمُحِيط
وَألف ابْن فَارس المتوفي سنة ٣٩٥ هـ معجمين هما مقاييس اللُّغَة والمجمل
وَألف الْجَوْهَرِي المتوفي حوالي سنة ٤٠٠ هـ مُعْجم الصِّحَاح
وَألف ابْن سَيّده الأندلسي المتوفي سنة ٤٥٨ هـ مُعْجم الْمُحكم كَمَا ألف الْمُخَصّص
وَألف الزَّمَخْشَرِيّ المتوفي ٥٣٨ هـ مُعْجم أساس البلاغة
وَألف الصَّاغَانِي المتوفي سنة ٦٥٠ هـ مُعْجم الْعباب
وَألف ابْن مَنْصُور المتوفي سنة ٧١١ هـ مُعْجم لِسَان الْعَرَب
وَألف الفيروز أبادي المتوفي سنة ٨١٧ هـ مُعْجم الْقَامُوس الْمُحِيط
1 / 14
وَألف السَّيِّد مُحَمَّد بن حسن المتوفي سنة ٨٦٦ هـ مُعْجم الراموز فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة
وَألف الزبيدِيّ المتوفي سنة ١٢٠٥ هـ مُعْجم تَاج الْعَرُوس فِي شرح أَلْفَاظ الْقَامُوس
وَألف بطرس البستاني سنة ١٢٨٣ هـ مُعْجم الْمُحِيط وقطر الْمُحِيط
وَألف الشرتوني سنة ١٩٠٧ هـ مُعْجم أقرب الْمَوَارِد فِي فصيح الْعَرَبيَّة والشوارد
وَألف الْأَب لويس المعلوف حوالي سنة ١٣٢٦ هـ - ١٩٠٨ مُعْجم المنجد
وَصدر عَن الْمجمع اللّغَوِيّ سنة ١٣٨٠ هـ - ١٩٦٠ م المعجم الْوَسِيط
أَسبَاب تأليف المعاجم
كَانَ الْقَصْد من تأليف المعاجم وَكتب اللُّغَة حراسة الْقُرْآن من أَن يقتحمه خطأ فِي النُّطْق أَو الْفَهم وحراسة الْعَرَبيَّة من أَن يقتحم حرمهَا دخيل لَا ترْضى عَنهُ الْعَرَبيَّة وصيانة هَذِه الثروة من الضّيَاع بِمَوْت الْعلمَاء وَمن يحْتَج بلغتهم فاحتيج إِلَى حفظ الموضوعات اللُّغَوِيَّة بِالْكتاب والتدوين خشيَة الدُّرُوس وَمَا ينشأ عَنهُ من الْجَهْل بِالْقُرْآنِ والْحَدِيث فشمر كثير من أَئِمَّة اللِّسَان لذَلِك
1 / 15
وأملوا فِيهِ الداوين وَلما كَانَ الْغَرَض الرئيسي لوضع المعجمات هُوَ جمع مُفْرَدَات اللُّغَة ومحاولة إحصائها وَشَرحهَا وَالنَّص على مَعَانِيهَا والاستشهاد لَهَا بمختلف الشواهد الشعرية والنثرية فقد تشعبت للغويين مناهج هَذَا الْعَمَل فَمنهمْ من اخْتَار جمع الْموَاد حسب الْأَلْفَاظ مُرَتبا إِيَّاهَا ترتيبه الْخَاص وَمِنْهُم من رأى جمع الْموَاد حسب الموضوعات مبوبا لَهَا حسب الْمعَانِي وَقد اخْتلفت طرق التَّرْتِيب لَدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَذَهَبت الطَّائِفَة الأولى إِلَى تَرْتِيب الْأَلْفَاظ على مخارج الْحُرُوف اَوْ على الْحُرُوف الهجائية ناظرة إِلَى الْحَرْف الأول للفظة أَو الْحَرْف الْأَخير لَهَا أَو كليهمَا وَذَهَبت الطَّائِفَة الثَّانِيَة إِلَى إِيرَاد الْأَلْفَاظ الْخَاصَّة بالموضوع الْمَعْقُود لَهُ الْبَاب والاستشهاد بِكُل مِنْهَا أَو لبعضها أَو إِلَى إِيرَاد النُّصُوص الشعرية الْخَاصَّة بِالْبَابِ واستخراج الْأَلْفَاظ وَشَرحهَا
تطور النّظم الَّتِي سَارَتْ عَلَيْهَا المعاجم فِي اللُّغَة
إِن مُؤَلَّفِي المعجمات الأول هم رواد التَّأْلِيف المعجمي فِي الْعَرَبيَّة ومعاجمهم الطَّلَائِع الأولى وَهِي الَّتِي وضعت كل قَوَاعِد المعجم الْعَرَبِيّ ومعاجم هَؤُلَاءِ الرواد لم تبقى لمن بعدهمْ جَدِيدا فِي تَرْتِيب الْموَاد إِلَّا فِي حالات لَا تعد جدَّتهَا ابتكارا وعَلى هَذَا فَإِن الْمدَارِس اللُّغَوِيَّة أَربع لكل مِنْهَا نظام خَاص ومنهج خَاص وشخصية خَاصَّة وسنوجز الْكَلَام عَن هَذِه الْمدَارِس وخصائصها بِقدر
1 / 16
الْإِمْكَان حَيْثُ أَن الإطالة فِي هَذَا الْمَوْضُوع لَيست من خصوصيات بحثنا بِقدر مَا نروم إِلَى تَعْرِيف الْقَارئ بكيفية تطور المعاجم
١ - مدرسة التقليبات وَقد أسس بنيانها الْخَلِيل بن أَحْمد الفراهيدي وأحرز بهَا قصب السَّبق فِي التَّأْلِيف المعجمي ويقصد مِنْهَا جمع الْكَلِمَات المكونة من حُرُوف وَاحِدَة تَحت نطاق وَاحِد وَقد تفرعت هَذِه الْمدرسَة إِلَى شعبتين
أ - شُعْبَة التقليبات الصوتية وتنسب للخليل فِي الْعين وَأَبُو عَليّ القالي فِي البارع والأزهري فِي التَّهْذِيب والزبيدي فِي مُخْتَصر الْعين والصاحب بن عباد فِي الْمُحِيط وَابْن سَيّده فِي الْمُحكم وَهَذِه الشعبة تجمع الْكَلِمَات المتحدة الْحُرُوف وتجعلها فِي نطاق وَاحِد مَعَ مُلَاحظَة النَّاحِيَة الصوتية وَهِي وَضعهَا تَحت أبعد الْحُرُوف مخرجا وَمن عُيُوب هَذِه الشعبة الصوتية الْبَحْث عَن طريقها
ب - شُعْبَة التقليبات الهجائية وَقد أرسى دعائمها ابْن دُرَيْد فِي الجمهرة وَابْن فَارس فِي المقاييس والمجمل وَهِي تجمع الْكَلِمَات المتحدة الْحُرُوف تَحت نطاق وَاحِد ملاحظا وَضعهَا تَحت أول الْحُرُوف فِي التَّرْتِيب الهجائي
٢ - مدرسة القافية وَهِي تنظر إِلَى الْحَرْف الْأَخير فِي الْكَلِمَة وتجعله بَابا والحرف الأول وتجعله فصلا وَيعْتَبر الصِّحَاح للجوهري أشهر مُعْجم عَرَبِيّ حقق أَمريْن أساسيين من تأليف المعاجم وهما الْتِزَام الصَّحِيح من الْأَلْفَاظ وتيسير الْبَحْث عَن الْموَاد وَقد أَشَارَ
1 / 17
إِلَى هَذَا الْمنْهَج فِي قَوْله أودعت هَذَا الْكتاب مِمَّا صَحَّ عِنْدِي من هَذِه اللُّغَة على تَرْتِيب لم أسبق إِلَيْهِ وتهذيب لم أغلب عَلَيْهِ فِي ثَمَانِيَة وَعشْرين بَابا وكل بَاب مِنْهَا ثَمَانِيَة وَعشْرين فصلا على عدد حُرُوف المعجم وترتيبها ... . . الخ
وَقد اتبع هَذِه الْمدرسَة الفيروز أبادي فِي قاموسه وَابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب وَمُحَمّد بن حسن فِي الراموز والزبيدي فِي تَاج الْعَرُوس وميرزا الشِّيرَازِيّ فِي معيار اللُّغَة
وتعد هَذِه الْمدرسَة حَدثا ضخما فِي التَّأْلِيف المعجمي دَعَا إِلَيْهِ انتشار الشّعْر وَغَلَبَة السجع والحرص على الصَّحِيح وَالْقَضَاء على الِاضْطِرَاب
٣ - مدرسة الأبجدية العادية نظمت الْكَلِمَات فِي هَذِه الْمدرسَة حسب أَولهَا وَثَانِيها وَثَالِثهَا وَهِي طَريقَة سهلة وَلَا زَالَت مستعملة إِلَى الْآن وَالَّتِي حملت راية التَّيْسِير على الباحث وَتعْتَبر حَدثا جَدِيدا بالاهتمام فِي المعاجم الْعَرَبيَّة
وَقد اتبع هَذِه الْمدرسَة الزَّمَخْشَرِيّ فِي أساسه والفيومي فِي مصباحه وَصَاحب مُخْتَار الصِّحَاح وَالْأَب لويس المعلوف وَغَيرهم
1 / 18
دراسة فِي مُقَدّمَة الراموز
اتخد المُصَنّف مُخْتَار الصِّحَاح أساسا لكتابيه الْجَامِع والراموز فقد استطال مَا فِي الصِّحَاح من أَمْثَال وشواهد وأنساب وأطناب فَكَانَ الدَّاعِي إِلَى تأليفه الِاخْتِصَار والإيجاز مَعَ الِاسْتِيفَاء فَيَقُول إِن كتاب الصِّحَاح كتاب فاخر وبحر أمواج زاخر لَكِن لما فِيهِ من تَطْوِيل وإطناب بإيراد كثير مِمَّا يسْتَغْنى عَنهُ فِي الْأَمْثَال والشواهد والأنساب
واستقل مَا فِي مُخْتَار الرَّازِيّ وخاصة أَنه ترك بعض الْأُمُور اللُّغَوِيَّة اللَّازِمَة فَيَقُول وَاخْتصرَ بعض الْفُضَلَاء وَلكنه أخل كَمَا أَن الأَصْل أسهب وأمل وَزَاد فِيهِ فَوَائِد مِمَّا سمحت قريحته الوقادة وطبيعته النقادة وَإِن كَانَ بعضه مِمَّا يُجَاب كلما أَشرت إِلَيْهِ فِي أثْنَاء الْكتاب
فَأَرَادَ أَن يَأْتِي بالمختار ويضيف إِلَيْهِ مَا أهمله وَفعل ذَلِك فِي الْجَامِع الَّذِي أتمه عَام ٨٥٤ هـ وَقد سمع عَمَّا فِي الصِّحَاح من تَصْحِيف وأوهام فَكَانَ تخليصه الأخطاء والأوهام دَاعيا آخر يضم إِلَى الدَّاعِي الأول قَالَ حَتَّى انتشرت النُّسْخَة بَين الإخوان فَكَانَ يحك فِي صَدْرِي ويحز فِي قلبِي مَا سَمِعت من غير وَاحِد من الْعلمَاء الموثوق بهم أَن مَا نَقله الْجَوْهَرِي مطعون وَكتابه بِخِلَاف الصَّوَاب مشحون وَرَأَيْت أَن مَا نقلته من صَاحب الْمُخْتَصر وَمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ بتكرار
1 / 19
الْمُرَاجَعَة وترداد الْفِكر لَيْسَ مِمَّا يُؤمن متانته ويوفي قوته ويطأطأ شَأْنه ويضعضع أَرْكَانه فَأحب أَن يبين ذَلِك فبحث حَتَّى عثر على قَامُوس الْمُحِيط فَسَار على هَذَا الْهَدْي فِي الراموز فقد اعْتمد فِي تصويب الأخطاء على الْقَامُوس للفيروز أبادي حَيْثُ قَالَ وَمَا زلت أسأَل الله أَن يطلعني على مَوَاضِع عَلمته واستكشف مكامن ظلمته حَتَّى وفقني الله تَعَالَى إِلَى المطالعة فِي الْقَامُوس وَهُوَ كتاب كَأَنَّهُ نَشأ من وَحي الناموس وَلم يكتف بالقاموس فِي تَصْحِيح الأخطاء فقد صرح الْمُؤلف بِمَا زَاده من أُمُور أُخْرَى من الْقَامُوس الْمُحِيط فَقَالَ وألحقت بِهِ أَيْضا مَا اطَّلَعت فِيهِ من اللُّغَات الَّتِي فَاتَتْهُ عَمَّن نقلت عَنْهُم إِمَّا مَادَّة أَو الْمعَانِي غَرِيبَة نادرة مِمَّا لابد مِنْهُ فِي استنباط مَعَاني الحَدِيث وَالْأَخْبَار واستخراج مَا وَقع فِي غَرِيب الْآثَار والأشعار ونقلت عَنهُ أَسمَاء الْمُحدثين ونسبهم الْوَاقِعَة فِي الْأَسَانِيد بتصحيح ألفاظها من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
مُرَاجعَة
من أهم مراجعه كتب الْغَرِيب الَّذِي اعْتمد عَلَيْهَا فِي ذكر الْغَرِيب الَّذِي فَاتَ الْجَوْهَرِي حَيْثُ قَالَ ثمَّ ألحقت بِهِ غرائب ألفيتها فِي الْمغرب للمطرزي وعثرت عَلَيْهَا فِي الْفَائِق للزمخشري وَالنِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير أبي السعادات الْجَزرِي والقاموس للفيروز أبادي وَغير ذَلِك من المراجع وَهِي كَثِيرَة
1 / 20
الاستطراد ودواعيه
يُلَاحظ من خلال هَذِه المراجع شدَّة عنايته بِمَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ كَمَا يظْهر ذَلِك فِي كَلَامه عَن الْقَامُوس وَهَذَا مُخَالف لهدف الِاخْتِصَار وَلكنه يَدعِي أَن ذَلِك كَانَ لهدف بَيَان معنى وتوضيحه وَيظْهر ذَلِك فِي قَوْله التَّالِي وَبسطت الْكَلَام بعض الْبسط فِي بَيَان الْأَحَادِيث وتفسيرها فِيمَا لَا ينحى نَحْو بدائعه بِمُجَرَّد معرفَة متن اللُّغَة وتقريرها فأشرت إِلَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تَأْوِيل وَمَا لَا بُد من خوف وإضمار دَلِيل بِحَيْثُ إِذا وقف النَّاظر عَلَيْهَا يقف على نظائرها بِأَدْنَى تفكر وتيسر لَهُ الْوُصُول إِلَى مرموزاتها بِيَسِير التَّدْبِير
خطته
وَأَشَارَ إِلَى الخطة الَّتِي سَار عَلَيْهَا فِي قَوْله وسلكت مهما أمكن طَرِيق الِاخْتِصَار وشعبت ترصيع التقصار وشذبت الْكَلَام بتقليل الْأَلْفَاظ وتكثير الْمعَانِي وهذبته بالإشارات الْمُوَضّحَة المرام لتشييد المباني فأشرت إِلَى قَول الله تَعَالَى وَإِلَى الْقُرْآن بحرق ق وَإِلَى الحَدِيث بِحرف ح وَإِلَى الْأَثر بِحرف ر وَإِلَى الْجمع بِحرف ج وَإِلَى الْموضع بِحرف ع وَإِلَى الْجَبَل بِحرف ل وَإِلَى تَأْنِيث الصِّفَات الَّتِي تجْرِي على مذكرها بهاء بحرفي ثه مَعْنَاهُمَا الْمُؤَنَّث بهاء والى اسْم رجل بحرفي سم وأشرت بحرفي عز إِلَى يتَعَدَّى وَيلْزم واكتفيت بِذكر صِيغَة الْفِعْل ثلاثيا
1 / 21
اَوْ غَيره عَن إِيرَاد مَا اطرد من المصادر وَالصِّفَات إِلَّا فِي مَوَاضِع الالتباس أَو فِي مجَال يحيد عَن سنَن الْقيَاس وآثرت فِي الْأَفْعَال طَرِيق الْمَاضِي الْغَائِب على الْمُتَكَلّم لقصرها لفظا وَكِتَابَة إِلَّا فِي المعتل بَيَانا لأصل الْكَلم فجَاء بِحَمْد الله كتابا جَامعا للفوائد خَالِيا عَن الزَّوَائِد مُسَمّى بالراموز لكَونه مجمع أَنَّهَا الرموز فقد وَافق أُسَمِّهِ مَعْنَاهُ وطابق مُسَمَّاهُ
هَذَا واستخدام الراموز فِي الْعَمَل المعجمي لَيْسَ شَيْئا جَدِيدا من ابتكار صَاحب الراموز فقد سبقه إِلَى ذَلِك الفيروز أبادي وَإِن كَانَ قد أَتَى بالجديد فِي هَذَا المجال ويتمثل فِي هَذِه الرموز الَّتِي لَا نجد لَهَا شَبِيها عِنْد الفيروز أبادي ق ح ر ل ثه سم عز
وأوضح مَا يقوم عَلَيْهِ الْكتاب أَمْرَانِ الزِّيَادَة والاختصار أما النَّقْد فضعيف بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وتتمثل الزِّيَادَة فِي عدَّة ظواهر زِيَادَة مواد وصيغ وألفاظ وَمَعَان فِي الْموَاد الَّتِي ذكرهَا الْجَوْهَرِي وَهُوَ أبرز أَنْوَاع الزِّيَادَة فِي الْكتاب لَا تكَاد تَخْلُو مِنْهُ مَادَّة وَالْأَحَادِيث والأعلام وخاصة أَعْلَام الْفُقَهَاء والمحدثين وَكَانَ يزيدها فِي آخر الْموَاد
ويتمثل الِاخْتِصَار فِي حذف الشواهد الشعرية الَّتِي ذكرهَا الْجَوْهَرِي وَأَسْمَاء اللغويين مَعَ احتفاظه بأقوالهم وَإِن تجَاوز أَحْيَانًا عَمَّا جَاءَ مِنْهَا فِي زياداته والأوزان وَالْأَحْكَام والتعليلات اللُّغَوِيَّة والنحوية والصرفية الَّتِي كَانَ هم مختصري الصِّحَاح حذفهَا فِي الْغَالِب وتغيير عبارَة النَّص وترتيب أَلْفَاظ الْمَادَّة بِحَيْثُ تُعْطِي مَا فِي
1 / 22
الصِّحَاح بأقصى سِيَاق
وَمن خلال مَا تعرفنا عَلَيْهِ من مَنْهَج صَاحب الراموز فِي مُعْجَمه نستطيع أَن نقُول أَن الراموز أَكثر انتظاما من الصِّحَاح فِي إِيرَاد أَلْفَاظه ومعانيه وَأكْثر مواد وصيغا ومعاني وَأكْثر صِيغَة فقهية حَدِيثِيَّةٌ وَلكنه أخل بالشعر إخلالا كَبِيرا وَضعف النَّقْد عِنْده وَاعْتمد فِيهِ على الْمجد والرازي
1 / 23
الرجل حَيَاته وآثاره
اسْمه
تذكر الْكتب الَّتِي رجعت إِلَيْهَا أَن اسْم الْمُؤلف السَّيِّد مُحَمَّد بن السَّيِّد حسن وَقيل السَّيِّد مُحَمَّد بن حُسَيْن وَالْمُصَنّف نَفسه ذكر هَذَا فِي مُقَدّمَة الراموز حَيْثُ قَالَ يَقُول المفتقر إِلَى الله ذِي المنن السَّيِّد مُحَمَّد بن حسن ... أما عَن اسْم جده فقد اخْتلفُوا فِيهِ فبعضهم يُسَمِّيه عليا وَبَعْضهمْ يُسَمِّيه حسن بن عَليّ وَالْبَعْض الآخر يُسَمِّيه حسن الشريف بن حسام الدّين
حَيَاته
لم تذكر لنا المراجع شَيْئا يذكر عَن ذَلِك لِأَن السَّيِّد مُحَمَّد بن حسن كَانَ مغمورا لم يَأْخُذ حَظه من الشُّهْرَة وكل مَا ذكره المستشرق الألماني كارل برولكمان أَن الْمُؤلف أكمل كِتَابه الراموز فِي بَلَده أدريانوبل سنة ٨٥٤ هـ ١٤٥٠ م ويذكرون أَيْضا أَنه مَاتَ بِالطَّرِيقِ إِلَى مَكَّة حَاجا إِلَى هُنَا وتلتزم المراجع التاريخية الصمت وَلَيْسَ لنا أَن نَذْهَب إِلَى ابعد من ذَلِك
1 / 24
ولأننا لَا نكاد نعلم شَيْئا محققا عَن حَيَاة المُصَنّف فَلَا نستطيع أَن التعرف على أساتذته وشيوخه وكل مَا نعرفه هُوَ مراجعه الَّتِي نقل عَنْهَا كالصحاح للجوهري وَالْفَائِق للزمخشري وَالنِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير وَالْمغْرب للمطرزي والقاموس للفيروز أبادي
مذْهبه الفقهي
أَسْتَطِيع الْجَزْم بِأَن المُصَنّف كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب بِدَلِيل أَنه نقل آراء الْفُقَهَاء عَن المطرزي وَهُوَ من عُلَمَاء الأحناف فَإِذا نقل رَأيا آخر يخْتَلف مذْهبه صرح باسم الْمَذْهَب الَّذِي نقل عَنهُ
مذْهبه النَّحْوِيّ
من خلال استعراض مسَائِل النَّحْو وَالصرْف الَّتِي وَردت فِي الْكتاب يَبْدُو لنا أَن المُصَنّف كَانَ ينتهج الْمَذْهَب الْبَصْرِيّ متحمسا لَهُ ويتضح لنا ذَلِك من استعراض بعض الْأَمْثِلَة
١ - قَالَ فِي مَادَّة فلل وَقَوْلهمْ فِي النداء يَا فل مَحْذُوف يَا فلَان لَا على سَبِيل التَّرْخِيم قَالَ الْجَوْهَرِي لَو كَانَ مرخما لقالوا يَا فَلَا أَقُول تَعْلِيله هَذَا غير تَامّ لِأَنَّهُ جعل الْبَاقِي اسْما بِرَأْسِهِ فِي التَّرْخِيم وَمذهب بعض النَّحْوِيين على أَن بَعضهم قَالُوا أَنه مرخم حذفت الْألف بعد التَّرْخِيم للتَّخْفِيف وَإِن كَانَ الصَّحِيح خِلَافه وَالْوَجْه الصَّحِيح مَا ذكره الْجَزرِي هُوَ أَنه لَا يُقَال إِلَّا بِسُكُون اللَّام وَلَو كَانَ ترخيما لفتحوها أَو ضموها اه
فَالرَّأْي الَّذِي ذكره فِي صدر الْعبارَة هُوَ مَذْهَب أهل الْبَصْرَة
1 / 25
وَقَوله بعض النَّحْوِيين يقْصد الْكُوفِيّين وَقد خطأهم كَمَا رَأينَا
٢ - قَالَ فِي مَادَّة لَهُم اللَّهُمَّ مَعْنَاهُ يَا الله وَالْمِيم عوض من حرف النداء وَالْمَعْرُوف أَن هَذَا مَذْهَب أهل الْبَصْرَة أما الْكُوفِيّين فيرون أَن الْمِيم الْمُشَدّدَة فِي اللَّهُمَّ لَيست عرضا من يَا الَّتِي للتّنْبِيه فِي النداء
وَفَاته
الْمُتَّفق عَلَيْهِ أَن السَّيِّد مُحَمَّد بن حسن مَاتَ سنة ٨٦٦ هـ
مؤلفاته
ذكر المُصَنّف فِي مُقَدّمَة الراموز أَن لَهُ كتابا يُسمى الْجَامِع جَامع اللُّغَة الَّذِي بنى عَلَيْهِ كتاب الراموز وكلا الْكِتَابَيْنِ على الصِّحَاح وذكرهما أَيْضا حاجي خَليفَة والأستاذ عبد الغفور عطار وكارل بروكلمان
1 / 26