فاندهش سعيد بما سمعه وقال ماذا تعنين؟
قالت: «أعني أني آنست في قطام تغيرا غريبا بعد ذهابك فإنها لم تعد تذكر الانتقام قط وقضت أياما عديدة كأنها في حيرة أو كأن أمرا طرأ عليها لا تتكلم إلا قليلا فعسى أن يكون ما غيرك قد غيرها. وعلى كل حال كن في راحة وسكينة وأنا أدبر الأمر فلا تذكر أنك جئت إلي ولا أنك رأيتني قبل رؤيتها».
قال: «بارك الله فيك. والله إن قضيت لي هذه المهمة لا أدري كيف أكافئك ولكنني أتقدم إليك أن لا تذكري زيارتي هذه أما أحد وخصوصا رفيقي عبد الله».
قالت: «سمعا وطاعة فعليك إذا أن تأتي غدا لزيارتها في منزلها وأكون أنا هناك ولا تزد على السلام والكلام. واحذر أن تذكر شيئا يتعلق بهذا الأمر إلا إذا هي خاطبتك به وسنرى ماذا يتم.. وهل تنوي اصطحاب رفيقك غدا».
قال: «إنه سيكون معي ولا بأس من الخوض في الموضوع بين يديه لأنه بمنزلة أخي».
قالت: «حسنا فليكن كما تريد وفقنا الله لما فيه خيرك وراحتك».
فازداد سعيد إعجابا بغيرتها وحنوها فقال لها: «اسمحي لي أن أقبل يدك فإني لما فقدت جدي الذي كان بمنزلة والدي حسبت نفسي صرت يتيما ولكنني تحققت الآن من حنوك أني مازلت مرموقا بعين العناية. ها إني قد ألقيت الحمل على عاتقك فدبري الأمر كما يلوح لك». قال ذلك وقبل يدها مرارا ونهض ونهضت لوداعه وهي تقول له: «نم مرتاحا وموعدنا اللقاء غدا في بيت قطام».
خرج سعيد من عندها وقلبه يطفح سرورا لنجاته من شر عظيم. وما دري ما نوته تلك القهرمانة من أساليب الخداع. فلما توارى عنها عادت إلى غرفتها وعملت فكرتها الخبيثة في حيلة تنطلي عليه بحيث يصدق عدول قطام عن عزمها. ولولا خوفها من أن يشي هو بها وبقطام إلى علي إذا أنكرت عليه وصية جده لجاهرت بمقاومته ولكنها رأت من الفطنة والدهاء أن تجاريه على رأيه وتحمل قطاما على مشاركتها في ذلك ثم تحتالان في بقاء المؤامرة مكتومة حتى ينفذ المؤامرون عهدهم فيقتل علي. وما درت لبابة أن قطاما أشد دهاء منها وأعظم حيلة وأنها ستزيد على ذلك وسيلة أخرى للفتك بسعيد على أهون سبيل.
ولم تعد لبابة تستطيع رقادا قبل مكاشفة قطام بالأمر لتدبير الحيلة قبل مجيء سعيد فنهضت لساعتها وسارت إلى قطام.
الفصل السادس والعشرون
অজানা পৃষ্ঠা