كما قيل لها: إن الدبق كان مقدسا لدى الكهنة الكلتيين، ولكنها لم تتمكن من معرفة ما كانوا يفعلون به. وكان مرتبطا بالقرابين، بما في ذلك القرابين البشرية.
نزعه «لوكي» بلطف من جذوره النامية في إحدى أشجار المران. وأفلت قليل منه من أصابعه الرشيقة. ففركه. كان الدبق يجعل مضيفيه ينبتون أجمة من الأغصان الدقيقة المتكتلة الهزيلة، والتي يطلق عليها اسم «مكانس الساحرات»، فأخذ «لوكي» يفرك ويفرك حزمة الدبق الكثيفة، ويسحبها، ويجعلها قاسية، ويلقي عليها كلمات حادة، حتى لم يتبق شيء سوى ساق رمادية رقيقة ومضيئة بعض الشيء، وتشبه الثمرة الشاحبة المستديرة، وكان لونها غريبا أشبه بلون جلد الثعبان أو القرش أكثر من لون اللحاء؛ ولكنها كانت ساقا أدارها «لوكي» بين أصابعه الماهرة حتى توازنت كرمح خفيف ذي رأس رفيع جدا كرأس سهم صوان مشحوذ.
مرة ثانية في صورته المشرقة، خطا «لوكي» بلا صوت وسط الحشد الهادر للآلهة التي تصرخ وتقذف، متفاديا الأشياء المصوبة والمرتدة، التي تندفع كالصواريخ. أدار رمح ساق الدبق في يده، وأمره أن يحافظ على شكله. ثم وجد من كان يبحث عنه يقف بعيدا عند آخر الحشد، وغطاء رأسه يخبئ وجهه الداكن. كان هذا هو «هودور» ابن «فريج» الآخر، والذي كان داكنا مظلما، بقدر ما كان «بالدر» ذهبيا مشرقا. كان «بالدر» هو من ولد أولا ثم تلاه «هودور»، الذي كانت جفونه مغلقة، مثل هرة صغيرة عمياء. وظلت جفونه هكذا. كان هو وبالدر كالنهار والليل؛ فقد كانت عتمته تناقض إشراقة أخيه. كان كل منهما يحتاج إلى الآخر. وكان ل «هودور» طريقته الخاصة في التجول حول «أسجارد»، وهذا لأن عينيه لم تبصرا النور من قبل، فكان يتحسس الأعمدة، ويعد الخطوات، ويميل رأسه الداكن يمينا ويسارا وينصت بإمعان. وكان إذا طلب منه «بالدر» أن يصف له عدم القدرة على رؤية أي شيء، يجيب قائلا: «كيف لي أن أعرف، وأنا لم أر أي شيء من قبل.» والآن، بينما كان «لوكي» يتأمله، رأى رأسه خفيضا ومائلا قليلا، وهو ينصت للجلبة التي لم يكن جزءا منها. ما الذي يدور داخل جمجمته، وكيف كانت تبدو؟ هل هي عبارة عن كهوف سوداء، أم سحابة رمادية كثيفة، أم أضواء ساطعة مطوقة؟ لطالما أراد «لوكي» معرفة كل شيء، وربما كان سيسأل، ولكنه الآن عازم على الأذى. فقط بغرض الأذى، وهذا لأنه هو وحده من يعلم كيف يوقف الضجيج.
فسأل «هودور»: «لماذا لا تشارك في الألعاب؟ إنه لأمر ساحر أن ترى «بالدر»، هادئا ومبتسما، وسط وابل من الحجارة الحادة والأسهم المدببة التي ترتد بعيدا عنه، وتسقط. يجب أن تشارك.»
قال «هودور»: «ليس لدي سلاح. وكما تعلم جيدا، لا يمكنني الرؤية كي أصوب على الهدف.»
قال «لوكي» مبتسما: «لدي هنا رمح أنيق يليق بالأمراء. ويمكنني أن أضع يدي على يدك، لأساعدك في التصويب على هدفك. وعندئذ، ستكون قد أديت دورك.»
أخذ «لوكي» بيد الإله الأعمى وقاده إلى مقدمة الحشد. ووضع الرمح في يده ، وأطبق أصابعه السريعة على أصابع «هودور» الداكنة.
قال «لوكي» وهو يشير بالرمح نفسه: «بالدر هناك. صدره عار وهو يبتسم، وينتظر ضربتك.»
ورفع ذراعه الأخرى إلى نحو ارتفاع الكتف، وسحب الرمح إلى الخلف، ثم رفع قبضته، وقال: «الآن، إذن. سدد رميتك الآن.»
فترك «هودور» الغطاء ينزلق عن رأسه المظلم، وألقى به إلى الخلف، ثم سدد رميته بقوة.
অজানা পৃষ্ঠা