رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
প্রকাশক
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
সংস্করণের সংখ্যা
العدد ١١٦،السنة ٣٤
প্রকাশনার বছর
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
জনগুলি
فالمصالح عِنْد الطوفي هِيَ الْوَسَائِل إِلَى الصّلاح، وَعند الرَّازِيّ هِيَ الْوَسَائِل والمقاصد جَمِيعًا: "ونرى أَن الْمصلحَة هِيَ الْغَايَة، وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهَا وَسِيلَة، وَتَسْمِيَة الْوَسِيلَة مصلحَة بِاعْتِبَار إفضائها إِلَيْهَا لَا أَنَّهَا هِيَ، وَلَا بُد من الْفَصْل بَينهمَا، لِأَن من الْوَسَائِل مَا قد يتَغَيَّر أَو ينْسَخ دون الْمَقَاصِد"١.
ونقول: إِن الْمصلحَة: "هِيَ مُقْتَضى الْعُقُول القويمة وَالْفطر السليمة من الرشاد، مَا يُحَقّق مَقْصُود الشَّارِع والعباد من صَلَاح المعاش والمعاد".
فَقولِي: "هِيَ مُقْتَضى الْعُقُول القويمة": أَي غير المصابة بِمَرَض الشَّهْوَة أَو الشُّبْهَة كَالَّتِي تزْعم أَن الْجمع بَين الجنسين فِي مرافق الْمُجْتَمع من مدارس ومكاتب وَنَحْوهمَا يهذب من الْخلق ويخفف من شَره الْميل الجنسي وكالتي تزْعم أَن استحلال الرِّبَا ينعش الاقتصاد الوطني ... الخ فَهَذِهِ المزاعم الْبَاطِلَة مفاسد لَا مصَالح، وَهِي نتاج شَهْوَة أَو شُبْهَة، وَهِي عَلامَة الخذلان ﴿. كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ لما سُئِلَ عَن عَلامَة الخذلان﴾ - يَعْنِي: الحرمان من توفيق الله وتسديده - قَالَ: "أَن يستقبح الرجلُ مَا كَانَ يُستحسن! ويستحسن مَا كَانَ قبيحًا"٢، قَالَ المتنبي:
يُقضى على الْمَرْء فِي أَيَّام محنته ... حَتَّى يرى حسنا مَا لَيْسَ بالحسنِ
وَهَذَا من انتكاس الْفطْرَة وخَطَل القَوْل وَفَسَاد الرَّأْي، نَعُوذ بِاللَّه من الحَوْرِ بعد الكَوْر وَمن الْفساد بعد السداد.
وَقَوْلِي: "الفِطر السليمة" أَي لَا المنكوسة: فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا قبل أَن يطْرَأ عَلَيْهَا الانحراف عَن الطَّرِيق السويّ.
وَقَوْلِي: "من الرشاد" أَي لَا من الغيّ وَالْفساد كالأمثلة الَّتِي سلفتْ.
_________
١ - أصُول التشريع الإسلامي ص ١٣٥.
٢ - حلية الْأَوْلِيَاء لأبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ ٣ / ٢١٤.
1 / 201