إلى آخره ، فكأنه قال : إما أن يكون ما جئتم به بدعة / وإما أنكم استدركتم على الصحابة ما فاتهم ؛ لعدم تنبههم ، أو 8أ لتكاسلهم ، ففقتموهم من حيث العلم بطرق العبادة ، والثاني منتف ، فتقرر الأول ، وهو أنه بدعة ، فهكذا يقال : كل من أتى في العبادات بصفة لم تكن في زمن الصحابة ، كالجهر بالذكر قدام الجنازة ، ونحوها ، ومنه عد حكم العلماء على ذلك بكونه بدعة مكروهة ، مع أنه في ذاته عبادة ، فلو كان وصف العبادة في الفعل المبتدع يقتضي كونه بدعة حسنة لم يوجد في العبادة ما هو بدعة مكروهة ، وقد وجد البدعة المكروهة فيها إجماعا ، ولم يوجد عبادة خالصة هي بدعة حسنة إجماعا، فعلم أن كل بدعة في العبادات الخالصة ، فهي مكروهة ، وإلا لما فاتت أهل الصدرالأول، والقرون التي شهد الصادق المصدوق بخيريتها ، ولأنها لا بد أن تدافع سنة ، وكل بدعة دافعت سنة فهي سيئة ، فالخبر المذكور يدافع السنة الثابتة بالحديث المتقدم ذكره الذي خرجه البيهقي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهون رفع الصوت عندالجنازة ، وعند القتال ، وعند الذكر ، وإذا استقرئت (¬1) البدع التي في العبادات المحضة فلا بد من أن يوجد فيها مزاحمة لسنة ، ولو لم تكن تلك السنة إلا متابعة الصحابة لكان فيها كفاية لأمره صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم ، بخلاف غير العبادات المحضة فإنها قد تكون لسبب تجدد بعدهم ، أو كان تركهم لها لمانع ، ثم زال على ما تقدم.
فصل :
পৃষ্ঠা ২১