الثاني: دليل الموانع وتحريره: أن نقول لو كان الله سبحانه يرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن لأن الحواس سليمة والموانع مرتفعة، ولكل من الدليلين المذكورين تتمات تركناها خوفا من التطويل تراجع من البسائط.
أما النقل: فقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} [الأنعام:103] وقوله تعالى: {رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني} [الأعراف:143]، وبيان وجه الدلالة من الآيتين موضح في الكاشف الأمين شرح العقد الثمين وفي ينابيع النصيحة وغيرهما من كتب الأصول يرجع إليها من أراد ذلك.
أما قول ضرار فقد قال الناظم رحمه الله: إنما ضر نفسه، لأنه خالف المعقول، وليس على قوله دلالة من المنقول، وكلما لا دليل عليه من العقل والنقل فهو باطل، وأشار بالبيت الأخير إلى أن موسى صلوات الله عليه لم يطلب الرؤية لنفسه لقوله تعالى: { { يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك}[النساء:153]، ولأنه صلوات الله عليه عالم أن الرؤية لا تصح على الله تعالى، ولكن لما سألها قومه أراد أن ينضم إلى دليل العقل دليل سمعي لقطع شغبهم يذهب معه لحاجهم، وسلك في ذلك أبلغ مسلك، فسألها ليعلموا أنه إذا لم يعطها مع منزلته من ربه تعالى فهم بالمنع أولى، ولأنه لو سألها لنفسه لصعق معهم ولكان مثلهم وحاشاه عن ذلك، وأما توبته فهي للإقدام على السؤال قبل أن يأذن الله له بذلك.
পৃষ্ঠা ২৩