فقال آخر بصوت خافت: قتل الملك!
وتناقلتها الألسنة بسرعة جنونية، وتصايح بها الناس، وهم يتبادلون نظرات الحيرة والارتياع.
ونادى طاهو عبدا وأمره أن يحضر هودجا، فجرى الرجل إلى داخل القصر، وعاد يحمل هودجا هو وجماعة من العبيد، فوضعوه على الأرض ورفعوا جميعا فرعون وأناموه في رفق. وانتشر الخبر داخل القصر، فجاء طبيب الملك مسرعا، وظهرت خلفه الملكة، وكانت تسرع الخطى في اضطراب باد، ولما وقعت عيناها على الهودج وعلى النائم جرت إليه فزعة، وجثت على ركبتيها إلى جانب الطبيب، وهي تقول بصوت متهدج: يا للويل! .. قد أصابوك يا مولاي كمشيئتك!
وشاهد القوم الملكة، فصاح واحد منهم: جلالة الملكة.
وانحنت هامات الشعب الواجم كأنه في صلاة جامعة. وأخذ الملك يفيق من أثر الصدمة الأولى، ففتح عينيه المغمضتين، ومضى يقلبهما فيمن حوله في هدوء وضعف. وكان سوفخاتب يحملق في وجهه في ذهول وصمت، وكان طاهو جامدا ووجهه كوجوه الموتى، وكان الطبيب يفحص الجرح، يكشف عنه قميص الزرد. أما الملكة فقد اكتسى وجهها بالجزع والألم، وقالت للطبيب: أليس بخير؟ قل لي إنه بخير!
فأدرك الملك ما تقول، وقال ببساطة: كلا يا نيتوقريس. إنه سهم قاتل.
وأراد الطبيب أن ينتزع السهم، ولكن الملك قال له: دعه، لا فائدة ترجى من هذا العذاب.
واشتد التأثر بسوفخاتب، فقال لطاهو بانفعال شديد غير نبرات صوته تغيرا تاما: ادع جندك، وانتقم لمولاك من المجرمين.
وبدت على الملك المضايقة، فرفع يده بصعوبة، وقال: لا تتحرك يا طاهو، هل هانت عليك أوامري يا سوفخاتب في رقادي هذا؟! لا قتال بعد الآن، قولوا للكهنة إنهم بلغوا غايتهم، وإن مرنرع الثاني على فراش الموت، فليرجعوا بسلام.
وسرت رعدة في جسم الملكة فمالت على أذنه، وقالت همسا: مولاي! لا أحب أن أبكي أمام قاتليك، ولكن ليطمئن قلبك، فوحق أبوينا، وحق الدم الزكي لأنتقمن من عدوك انتقاما تتحدث به الأزمان جيلا بعد جيل.
অজানা পৃষ্ঠা