[الرد على بن المقفع]
ثم خلف من بعد ماني أبي الحيرة والهلكات، خلف سوء استخلفه إبليس على ما خلف ماني من الضلالات، يسمى ابن المقفع، لعنه الله بكل مرأى ومسمع، فورث عن ماني في كفره ميراثه، وحاز عن أبيه ماني فيه تراثه، فعقد بعنقه من ضلالاته أرباقها، وشد على نفسه من هلكاته أطواقها، فنشأ في الغواية منشأه، وافترى على الله ورسله إفترآءه، فوضع كتابا أعجمي البيان، حكم فيه لنفسه بكل زور وبهتان، فقال من عيب المرسلين، وافترى الكذب على رب العالمين، بما تقوم له ذوائب الرؤوس، وتضطرب لوحشته أركان النفوس، ووصل إلينا في ذلك كتابه، وما جمحت به فيه من الإفك ألعابه.
فرأينا في الحق أن نضع نقضه، بعد أن وضعنا من قول ماني بعضه، إذ كان ماني العمي له فيما قال من الضلال إماما، فأما النقض على ماني فسنضع له إن شاء الله كتابا تآما .
زعم ابن المقفع اللعين عماية وفرطا، أنه لا يرى من الأشياء كلها إلا مزاجا مختلطا. كذلك زعم النور والظلمة، اللذان هما عنده الجهل والحكمة .
فاعرفوا إن شاء الله هذا من أصله، فإنا إنما وضعناه لنكشف به عن جهله، وبالله نستعين في كل حال، كانت منا في قول أو فعال .
كان أول ما افتتح به كتابه، ما أكذب به نفسه وأصحابه، أن قال:
بسم النور الرحمن الرحيم
فإن كان النور هو الذي فعل اسمه(فلا اسم له، وإن لم يكن فعل اسمه فمن فعله، فإن هم ثبتوا له اسما غيره لم يكن إلا مفعولا ، وإن كان هو اسمه )كانت أسمآؤه ممن سماه فضولا، والفضول عندهم من كل شيء فمذمومة، وأسماؤه إذا كلها شرور ملومة، فهل يبلغ هذا من القول، إلا كل أحمق أو مخبول.
وقال: الرحمن الرحيم، فلمن زعم ألنفسه أم للأصل الذميم ؟! فإن كان عنده رحمانا رحيما، لمن لم يزل عنده شرا مليما، إن هذا لهو أجل الجهل، والرضى عما ذم من الأصل، وإن كان إنما هو رحيم رحمان، لما هو من نفسه إحسان، فهذا أحول المحال، وأخبث متناقض الأقوال.
পৃষ্ঠা ১৩৯