فليعلم أنه لم يصل إلى الأرض من الله حكمة في تنزيل، إلا كانت ملائكة الله أولى فيها بالتفضيل، لأنها صلوات الله عليها أطوع المطيعين وأعلمهم عن الله بحكم التنزيل، وأنها في ذلك متعبدة، وبه لله عز وجل ممجدة، وإنما تعبدها الله سبحانه بالعلم، وفضلها في العبادة للحكم، والتنزيل بعلم العلوم، وبحكمة كل محكوم، وجبلة الجن جبلة، للسمو إلى السماء محتملة، والجن فهم بفضل أهل السماء عالمون، وإلى علم ما عندهم من العلوم متطلعون، فإذا دارت في الملائكة حكمة وحي نزل فيها، أو عدل حكم حكم به في الأمور عليها، استرقت منه الجن ما سمعت في مشاهدها، وما ذكرت أنه لها هناك من مقاعدها. ألم تسمع قولها في ذلك، وخبرها عن مقاعدها هنالك، { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا، وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } [الجن: 8- 10].
وهذا يا هؤلاء فإنما كان منها، ونبأ الله به فيما أدى عنها، بعد أن قالت : { إنا سمعنا - في الأرض - قرآنا عجبا } [الجن:1]، ألا تسمعها تقول بعد: { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا }.
পৃষ্ঠা ১৫১