وجهله بما بين العامين والعمين من الفرق في اللسان، أوقعه بحيث وقع من جهله بمخارج القرآن، والعامي فإنما هو ما نسب إلى أعوام الزمان، والعمي فإنما هو أحد العميان، فكيف ويله مع جهله لهذا ومثله، يقدم على تعنيف وحي كتاب الله ومنزله، الذي نزله على رسله، سبحان الله ما يبلغ العمى بأهله!! فثبت العظمة من نوره جزءا، وجعلها من أعضائه عضوا، ونسب إليها بعد فعلا، زالت به عن عدو النور جهلا، ورفعت به عن العمين - زعم - عماهم، والعمون فلا يكونون عنده إلا ظلماهم، فلا نرى عظمتهم عندهم، وإن كابروا في ذلك جهدهم، إلا وقد أولت الظلمة خيرا كثيرا، وأحدثت للجهل والعمى تغييرا، وهو يزعم في قوله، أنه لا تغير في شيء من أصوله، والأعمى فلم ينكر قط نهارا، ولم يستصغر نهاره احتقارا، ولم يعارضه به جهل، ولم يكن له عما فيه تبدل، وأعداء نوره به - زعم - جاهلة، وعن مذهبه فيه ضآلة مضلة، فكيف يصح تمثيله لهم بالأعمى ؟ إن هذا لصمم من ابن المقفع وعمى!!
ثم قال: ومسبح ومقدس النور. النور الذي - زعم - من جهله لم يعرف شيئا غيره، ومن شك فيه - زعم - لم يستيقن بشيء بعده.
فاسمعوا في هذا القول من أعاجيبه! وما استحوذ عليه فيه من ألاعيبه!! قال ومسبح فمن تأويله مسبحه، إذ ليس إلا هو وعدوه الذي لا يسبحه، فإن كان إنما يسبح نفسه، فإنما يسبح جنس جنسه، فما في ذلك له من المدح! وما يحق بهذا من مسبح وغير مسبح، وإن كان إنما سبحه جزء من أجزائه، فإنما سبح الجزء نفسه وغيره نظيره من أكفائه، وقد يحق له يا هؤلاء على الأكفاء، من تسبيحه ما يحق لها عليه بالسواء، وهو مسبح ومسبح، ومادح وممتدح، فليس له من مسبحه إلا ما عليه مثله من تسبيحه، ولا له من مادحه إلا ما عليه من مديحه، وكل هذا أعجب عجيب! وقول متناقض وتكذيب!!
পৃষ্ঠা ১৪২