فإن زعموا واحتجوا بقول الله :{سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا} [الإسراء: 77]. ثم قال :{ولن تجد لسنة الله تبديلا} [الأحزاب: 62] أي: بالدعوة ؛ لأن دعوة الأنبياء واحدة ؛ لأن كلهم دعوا إلى طاعة الله ونهوا عن معصيته، غير أن في الشرائع لكل أمة شريعة، وأحل لأمة ما حرم على غيرها، محنة من الله وامتحانا، مع أن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصفوة بعد الصفوة، لذلك ورث حسين الإمامة، لأنه كان خير أهل زمانه، مع ما كان فيه من الدلائل في نفسه، والآثار من نبيه، وإجماع الأمة على أنه خير أهل زمانه، وهو وأخوه (سيدا شباب أهل الجنة)، فهل يكون لأحد أن يتقدم على من هو خير منه ؟! فالإمامة لا تكون إلا لخير أهل الأرض، يستبين للناس فضله وزهده وعلمه، وإنما الإمامة نقلة وصفوة وخيرة، ولم تزل كذلك من لدن آدم، تنقل من صفوة إلى صفوة.
ولو أن النبوة والإمامة كانت وراثة لم تخرج (من اليمن إلى غيرها، إذ كان هود نبيا، كان يحيز الأمر في ولده، فلم يخرج) الأمر منه إلى غيره، لكن إنما هي صفوة بعد صفوة، كذلك يصطفي الله من كل قوم خيرهم، فاصطفى من اليمن هودا وصالحا وشعيبا.
فإن زعم زاعم أن هودا وصالحا وشعيبا من ولد إبراهيم. يقال لهم: ألا ترون أن الله قص علينا خبرهم، ثم قال في كتابه، عن قول صالح لقومه :{واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله} [الأعراف: 74]. هذا من قبل إبراهيم .
পৃষ্ঠা ৪০৭