بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون (46)) [القصص : 46]. فما ذكر سبحانه أنه كان فيهم يوم بعثته له إليهم ، ومنته بالهدى فيه عليهم ، مهتد واحد منهم بهداه ، ولا قائم بما هو الهدى من تقواه ، لا رسول ولا نبي ، ولا إمام ولا وصي ، حتى من تبارك وتعالى عليهم ، ببعثته لمحمد عليه السلام إليهم ، فأقام لهم به منار الهدى وأعلامها (1)، ونهج لهم سبل الحجج بأنوار أحكامها ، فبين به من ذلك كله ما كان درس (2) وهلك خفاتا ، وأحيى به صلى الله عليه وعلى آله ما كان مواتا ، توحدا منه سبحانه بالمنة فيه على خلقه ، وإفرادا لرسوله صلى الله عليه وعلى آله بالدلالة على حقه ، فلم يبق من هدى المحجوجين من العباد ، باقية بها إليهم حاجة من رشاد ، يكون بها لهم في دنياهم صلاح ، ولا لهم فيها عند الله فلاح ، إلا وقد جاء بها كتاب الله سبحانه منيرة مستقرة ، وكرر لا إله إلا هو بها فيه بعد تذكرة تذكرة ، إحسانا إليهم ورحمة ، وتذكرة لهم وعصمة ، ومظاهرة للنعمة فيهم وإسباغا ، واحتجاجا بكتابه عليهم وإبلاغا ، كما قال سبحانه : ( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (138)) [آل عمران : 138]. وقال سبحانه : ( هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) [الأعراف : 203].
فأين ذكر الرافضة في هذا وأمرها من ذكر الله وأمره ، وما بين سبحانه من إكذابهم فيما قالوا بخبره؟! فالله سبحانه يخبر أن كلهم كان ضالا فهداه ، وجاهلا بالهدى حتى علمه الله بمنة إياه ، كما قال سبحانه لبني آدم : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون (78)) [النحل : 78]. وقال سبحانه لرسوله : ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) [النساء : 113]. وقال سبحانه : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي
পৃষ্ঠা ৫২৪