قيل: الحملة الثانية لا تفسر الضمير الذي نصب (زيدًا)، إنما يفسر الضمير ما يلي معموله من الأفعال، فالواو - على هذا - لا تربط الجملة الثانية بالجملة الأولى ربطًا يجعلهما في حكم الجملة الواحدة. ولا فرق بين مذهب سيبويه وبين ما قيل، إلا أن سيبويه يُضمِر الفعل، وحيث يَنصب يَنصب، وحيث يَرفع يرفع، وحيث يختار أحدهما على الآخر يختاره، وإن خالف مذهبُه هذا المذهبَ نبَّه عليه.
وأما قوله (زيد يضرب غلامه، فيغضب عمرو) فظاهر هذا أنَّ يغب معطوف
على يضرب، لكن لما كان الضرب سببًا للغضب، ارتبطت الجملتان، وصارتا بمنزلة الشرط والجزاء، وإن كانتا جملتين فإنهما في حكم الواحدة، ألا ترى انك تقول (زيد أن تكرمه يكرمك عمرو)، وتكتفي بالضمير العائد من الجملة الأولى، ولا خلاف في جواز هذه. وقد خرجت عما أراه وأحضُّ عليه، من الإيجاز والاقتصار، في هذه الصناعة على ما لابد منه. ويكفي في المسالة المختلف فيها أن يقال: إن الرفع والنصب جائزان، والرفع الوجه، والنصب جائز بإجماع منهم، إلا أنه دون الرفع. وسيبويه يقول: إن الرفع أجود على وجه، والنصب على وجه آخر. فإن قيل: لم تُرك الاحتجاج لسيبويه بقول الله ﵎: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ، وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
1 / 111