ومما يسئلون عنه قول الله سبحانه لمحمد صلى الله عليه: {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم} [الشورى: 52]، فيقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {لتهدى إلى صراط مستقيم}، أفتقولون: إنه كما قال الله عنه، وإنه هداهم إلى صراط مستقيم؟ أم تقولون: لم يهدهم؟ فإن قالوا: بل هداهم بأمر الله، وذلك فعل لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حمده الله وأثنى به فيه عليه؛ فقد صدقوا وآمنوا، وقالوا بالحق في الله وفي نبيئه صلى الله عليه وآله وسلم. وإن قالوا: لم يهد محمد أحدا، وإنما فعل محمد هو فعل الله، والله أدخله في ذلك كرها، وجبره عليه جبرا، ولم يكن لمحمد فيه فعل؛ فقد زعموا أن الله مدح محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بفعله، لا بفعل محمد نفسه، وأنه أثنى عليه بغير ما اكتسب وفعل، وهذا غاية الفسق.
***
ومما يسئلون عنه قول الله سبحانه: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} [الإنسان: 3]، فأخبر جل جلاله أنه هدى الخلق، ولم يهد من عصاه، وخالف أمره وأباه، وأنه قد اهتدى بهداه الموقنون(1)؛ فكانوا هم الشاكرين، وكان المخالفون هم الكافرين. فإن قالوا بهذا؛ آمنوا، واهتدوا وصدقوا. وإن قالوا: بل نقول: إن شكر من شكر وكفر من كفر من الله، وبقضاء منه، وإدخال لهم فيه؛ كان ما كان من ذلك؛ أبطلوا قول الله وكذبوا(2)، وخرجوا من الإسلام بذلك.
***
পৃষ্ঠা ৫৬২