وأشهد أن لا إله إلا هو سبحانه شهادة حقا، أقولها له جل جلاله تعبدا ورقا. الذي رفع السماء فبناها، وسطح الأرض فطحاها، {ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} [البقرة: 255].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالبينات، ونزل معه الآيات، وأنقذ به من الهلكات، وأكمل به النعم والخيرات، فبلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، ثم تولى فقيدا محمودا، فصلوات الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين، الطيبين الأخيار، الصادقين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم أمناء على وحيه، ودعاة لخلقه، أمر العباد بطاعتهم، وافترض عليهم ما افترض من اتباعهم، (اختصهم دون غيرهم بذلك، وجعلهم عنده كذلك، تكريما منه لهم)(1)، وتعظيما لما به خصهم؛ من ولادة المصطفى؛ محمد خير الأنبياء، {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم} [الأنفال:42].
ثم نقول من بعد الحمدلله والثناء عليه، والصلاة على محمد صلى الله عليه وعلى آله:
أما بعد فإن القدرية المجبرة الغاوية، الضآلة المضلة؛ زعمت أنها إنما أتيت(2) في ارتكاب سيئاتها، وفعل كبائر عصيانها(3) من ربها، لا من أنفسها، تبارك ربنا عن ذلك وتعالى علوا كبيرا.
ثم قالوا: إنه سبحانه أدخلها بقضائه عليها في كبائر ذنوبها، جبرها على ذلك جبرا ، وأدخلها فيه قسرا؛ ليعذبها على قضائه، إشقاء منه لها بذلك، تعالى ربنا أن يكون كذلك، (ولعنة الله على أولئك) (4).
فرأينا عندما قالت وذكرت، وبه على الله من عظيم القول اجترأت، أن نضع كتابا نذكر فيه بعض ما ذكر الله في منزل الفرقان(5)، مما نزله على محمد خاتم النبيين، في الكتاب من إكذاب القدرية المجبرين.
পৃষ্ঠা ৫৩৪