بشعة. حيث إن من يطلع على رسالة السبكي يفهم أن ابن تيمية هو أول من تكلم في هذه المسألة، والحال أنه مسبوق إلى ذلك، والواجب على السبكي وغيره الإنصاف والعدل وهذا اللائق بمقام العلماء، لكن السبكي أغفل كلام العلماء السابقين على الشيخ وجعل ابن تيمية مبتدعا لها.
وقد ذكر الفخر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦هـ القائلين بذلك وساق في "تفسيره" أدلة القائلين بفناء النار من القرآن والمعقول" (١) .
ثالثا: عزى السبكي لابن تيمية أنه يختار القول بفناء النار، وأنه ينسبه للسلف (٢) . بالرجوع إلى رسالة ابن تيمية، نجد أن ما ذكره السبكي ليس مسلما له، وذلك من وجهين:
أ - زعمه أن القول بفناء النار اختيار ابن تيمية، فإن هذا الاختيار لا يوجد في هذه الرسالة ولا غيرها من كتبه - فيما أعلم -.
ب - قوله: "إنه قول السلف"، ليس بصحيح فإن عبارة الشيخ هكذا "وأما القول بفناء النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف" (٣) .
رابعا: عرض السبكي في رسالته أكبر قدر من أدلة الكتاب والسنة الدالة على بقاء النار، وابن تيمية لم يكن يجهل هذه الآيات والأحاديث وحاشاه ﵀ أن ينكر ثبوتها ودلالتها على البقاء، وبالتالي فإن اهتمام السبكي باستقصاء ذكر الأدلة لا يضيف شيئا جديدا غاب عن ابن تيمية بل هو تجاهل منه لمعرفة شيخ الإسلام بها ملاحظته والتسليم بها.
وعليه فالإشارة أو التلميح من السبكي بنسبة شيخ الإسلام للتضليل.
_________
(١) "التفسير الكبير" للفخر الرازي ١٨/٦٣-٦٦.
(٢) الاعتبار ببقاء لجنة والنار" "٦٧".
(٣) انظر "ص٥٢".
1 / 20