قيل له: بل هو فيهما وفيما بينهما، وفوق السماء السابعة العليا، ومن وراء الأرض(1) السابعة السفلى، لا تحيط به أقطار السموات والأرضين، وهو المحيط بهن وبما فيهن من المخلوقين، فكينونته فيهن ككينونته في غيرهن، مما فوقهن وتحتهن، (وكينونته فيما فوقهن وتحتهن)(2)، ككينونته قبل إيجاد ما أوجد من سمواته وأرضه، فهو الأول الموجود من قبل كل موجود، المكون غير مكون، والخالق غير مخلوق، والقديم الأزلي(3) الذي لا غاية له ولا نهاية، الذي لم يحدث بعد عدم، ولم يكن لأزليته غاية في القدم(4)، البريء من أفعال العباد، المتعالي عن اتخاذ الصواحب والأولاد، المتقدس عن القضاء بالفساد، صادق(5) الوعد والوعيد، المحتج بالبراهين النيرة على العبيد، الداني في علوه، والعالي في دنوه، خالق السموات والأرضين، وهو الموجد لأولهن، والمبيد آخرا لما أوجد منهن، والمبدل بهن في يوم الدين غيرهن.
فإن قال: فما معنى كينونته فيهن وفي غيرهن مما بينهن؟ ألعظم جسم أحاط بهن وكان كذلك فيهن؟ أم لسرعة تحول وانتقال منهن إلى غيرهن، ومن غيرهن إليهن؟
قيل له: ليس إلهنا سبحانه كذلك، ولا يقال فيه بذلك، وهو سبحانه متعال عن الانتقال، متقدس عن الزوال، وعن التصور في صور الأجسام، تعالى عن ذلك ذو الجلال والإكرام.
ولكن معنى قولنا: إنه فيهن، هو أنه مدبر لهن، قاهر لكل ما فيهن، مالك لأمرهن، ولأمر(6) ما بينهن، وما تحتهن وما فوقهن، لا أنه مستجن بهن(7)، ولا داخل كدخول الأشياء فيهن.
فإن قال السائل المتعنت: فما هو في ذاته عندكم؟ إذا(8) كان كذلك في قولكم، وما تعتقدون في دينكم أجسم هو أم عرض؟
পৃষ্ঠা ২৪৬