56

রব্ব জামান

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

জনগুলি

وعم الرخاء

يقول بلاغ الصحيفة الإسلاموية: «عم الرخاء وكثر المال بشكل لم يسبق له مثيل. وقال المؤرخ الشهير ابن سيرين: كثر المال في عهد عثمان حتى بيعت جارية بوزنها.» دون أن يلتفت صاحب البلاغ أبدا إلى الظروف الاجتماعية زمن عثمان والتي أدت إلى نشوء طبقة ثرية عظمية الثراء من قريش، ومن البيت الأموي - بيت عثمان - تحديدا، وأن ذلك الثراء الذي أصابت حظوظه بعض أصحاب الحظوة والمحاسيب، هو ما قصده بالرخاء وكثرة المال، وهو الثراء الذي رافقه إسراف وصل حد السفه والتهتك، فبيعت جارية بوزنها، خاصة إذا ما وضعنا بالحسبان الوظيفة التي ستؤديها تلك الجارية! فمع كل المغازي والأموال والسبايا التي تدفقت على المدينة مع حركة الفتوح، ظل هناك نفر من الناس في حالة جشع وتهتك وصل بهم إلى المزايدة على الجارية المليحة لتباع بوزنها ذهبا، وهو الذهب الذي كان متفرقا يوما ما في بهيمة لفلاح مصري بسيط، وفي محصول حنطة لعراقي يعيش في الأهوار، وفي بعض الشياه لشامي يرعى في البوادي، ليجمع جميعه ويصب في كفة ميزان تقف على كفته الأخرى جارية حسناء.

وكتب التاريخ الإسلامية والسير والأخبار ثرية بالأمثلة التوضيحية لأصحاب العقول، ومن تلك النماذج ما حدث عندما أطلق عثمان يد أخيه في الرضاع «ابن أبي سرح» في البلاد المصرية، وأرسل مما جمع في مصر إلى عثمان غنائم وأموالا عظمية، وكان قبله عليها «عمرو بن العاص»، الذي سبق وجبى بدوره من مصر جباية مرهقة، لكن جباية «ابن أبي سرح» كانت أعظم وأكثر إرضاء للخليفة؛ مما دعاه أن يأتي بعمرو بن العاص ويسأله معرضا بأمانته: «هل تعلم يا عمرو أن تلك اللقاح قد درت بعدك؟» فما كان من عمرو إلا أن أوضح ما آلت إليه أمور مصر بهذا الاستنزاف برده البليغ: «وقد هلكت فصالها!»

فهل نعجب من كثرة المال في عاصمة الدولة وهكذا كان الحال، أم نعجب ممن ترك إرثا - من الصحابة - يربو على الخمسين مليونا، أو ممن ترك ثروته ذهبا يقطع بالفئوس، أم نعجب وسط كل تلك الأموال من حال الرعية، خاصة في البلدان المفتوحة؟! أم من أرقاء الحال من صحابة رسول الله

صلى الله عليه وسلم

في عاصمة الدولة الثرية، حيث كان أبو ذر الغفاري يدور بها يندد بالأثرياء، متحدثا بلسان الفقراء، ثم أخذ يحتج على عثمان ويندد بأعطياته الضخمة لأهله من بيت المال، وبأعطياته لمن أراد تألفه من المعارضين لسياسته، لينتهي أمره بالنفي إلى الربذة ليموت فيها غريبا معدما، وأيضا حيث كان «عمار بن ياسر» الذي أعلن احتجاجه على المنح التي يأخذها تجار مكة الطلقاء، ووقف إلى جوار أبي ذر يدافع عن قضية الفقراء، فأمر عثمان بنفيه بدوره إلى الربذة، فاعترض الإمام علي، فأمر بنفيه بدوره، لولا احتجاج الصحابة على عثمان بقولهم: أكلما غضبت على رجل نفيته؟! ولم يتم نفي عمار. وفي موقف آخر اعترض عمار على أخذ عثمان للجواهر القادمة من الأمصار وتحليته بها لبناته ونسائه، فرد عثمان: لنأخذ حاجاتنا من هذا الفيء وإن رغمت أنوف أقوام، فقال عمار بن ياسر: أشهد الله أن أنفي أول راغم، فرد عليه عثمان بسب قبيح قائلا: أعلي يا ابن المتكاء تجتري؟ ثم أمر الجند بضربه حتى غاب عن الوعي، ولم يهدأ عمار بل حمل كتابا من بعض الصحابة يلوم عثمان ويعظه، فشتمه عثمان وضربه برجليه وهما في نعل قاس، فأصاب الصحابي الجليل العجوز بالفتق.

بنو أمية وعثمان

ولعله من المعلوم أمر الصراع الذي كان يدور خفية حينا، وعلنا جهارا أحيانا أخرى، بين أبناء العمومة من البيتين الهاشمي والأموي، قبل الإسلام وبعده، وبتولي عثمان الخلافة آثر قريشا دون الأنصار، مما ترك في مدينته معارضة لا يستهان بها فهي مدينة الأنصار، ثم آثر الأمويين بشكل خاص، وهو الأمر الواضح بكتبنا الإخبارية، ودونه المسلمون الثقات دون انزعاج، لكنه أزعج صاحب البلاغ المذكور إزعاجا شديدا، فهل علم صاحبنا أن عثمان قد رد عمه الحكم بن العاص وأهله للمدينة، رغم أن جميع المسلمين كانوا يعلمون أن النبي أمر بطرده منها، بعد أن كان يمشي وراء النبي يسخر منه ويقلد حركاته ويتجسس عليه في بيته، ترى ماذا يترك تصرف عثمان هذا في نفوس المسلمين؟ خاصة وهم يرونه يأوي عدو النبي ويسبغ عليه مالا كثيرا، ثم يولي ابنه الحارث سوق المدينة ويسبغ عليه بدوره، ثم يجعل مروان بن الحكم وزيرا ومستشارا، ثم يرونه يولي عدوا آخر للنبي صلي الله عليه وسلم هو «ابن أبي سرح» أخي عثمان من الرضاعة أمر مصر، بينما المسلمون يقرءون قرآنا نزل بتكفير ابن أبي سرح وذمه، فكان ابن أبي سرح يقول: سأنزل مثلما أنزل الله، ولما اعتصر الرجل مصر أرسلوا وفدا لعثمان يشكون «ابن أبي سرح»، فعاقب الشاكين وضرب أحدهم فقتله، ثم يرونه يولي أخاه لأمه «الوليد بن عقبة» ولاية الكوفة، وهم يعلمون كيف غش النبي

صلى الله عليه وسلم ، وكيف كفر بعد إسلام؟ ويذهب الوليد إلى الكوفة ليصلي بالناس وهو سكران، ثم يقر معاوية بن أبي سفيان الأموي على دمشق والأردن، ثم يضم إليه ولاية فلسطين وحمص ليملك بعدها الشام جميعا، ويوطئ لمملكة الأمويين الوراثية العضود من بعده! هل كان الناس مع هذا كله بحاجة إلى ابن سبأ أم كان ابن سبأ وراء هذا كله؟ أم نعترف بهدوء ولو مرة واحدة بخطأ حساباتنا في قراءة التاريخ، أم نحن أكثر رؤية من ابن الأشتر الذي أرسل من الكوفة لعثمان بعد تولية الوليد ثم سعيد الأمويين يقول: «من مالك بن الحارث إلى الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه النابذ لحكم القرآن وراء ظهره. احبس عنا وليدك وسعيدك ومن يدعوك إليه الهوى من أهل بيتك، والسلام.»

المحرضون الحقيقيون

অজানা পৃষ্ঠা