صلى الله عليه وسلم
هو في علم الأنساب من الفرع العدناني، وليس من الفرع القحطاني، و«عدنان» هي «عدن + آن»، وعدن لم تزل علما حتى اليوم على مدينة في جنوب الجزيرة، ولو تتبعنا الهجرات القديمة في جزيرة العرب، سنجد القبائل العدنانية، قد هاجرت فعلا بعد دمار مأرب وانهيار اليمن السعيد، من الجنوب اليمني إلى الشمال، لتستقر في أرض الحجاز، بينما ظلت بعض القبائل في اليمن بعد أن أصابها القحط ليصبحوا «قحطانيين»، من «قحطان»، علما أن «عدن» أو «أدن» كان علما على إله الخصب والمطر في كثير من المناطق السامية، وكان لقبا لرب الخصب «بعل»، وإليه تنسب الكلمة «جنات عدن»، لأن كلمة «جن» كانت تعني وحدة قياس للأرض، تعادل بمقاييس اليوم ثمانية عشر ذراعا، وهي في اللسان اليمني القديم «جنان»؛ لأن أداة التعريف لديهم كانت حرف النون (ن) تلحق بآخر الكلمة، كما في اسم أحد كبار معبوداتهم القديمة إله الرحمة أو «رحمن»، و«جن» تجمع في اللسان العدناني الشمالي «جنات».
وباعتبار الأرض الخصبة ملكا لإله الخصب عدن، فتصبح «جنات عدن» و«عدن» بدورها كلمة تتركب من ملصقين هما «عاد + آن»؛ لأن الإله عدن في أسطورته، كان إلها للخير والخصب، تعرض للقتل والموت كما تموت الطبيعة الخصبة في الشتاء، لكنه يعود من الموت حيا في فصل الربيع دوما، فتعود بعودته الخصوبة والنماء ، وهي قصة متواترة في ديانات الخصب التثليثية، ويعد الاحتفال بعيد قيامة مجيد لآلهة الخصب عيدا كبير الانتشار في المنطقة، حيث كل مجموعة تؤمن بإله للخصب تقيم له احتفال العودة من الموت سنويا، في فصل الربيع بالذات، ومن هؤلاء «عدن» أو «يسوع» المسيحية، ويصبح معنى «عدن» الإله «عاد-آن» العائد من عالم الموتى.
ولا يغيب عن الفطن ربط «عدنان» باليمن السعيدة المكتظة بالخير، والتي حازت على هذا اللقب نتيجة سعدها في سالف الأزمان، وبخضرتها ووفرتها وخصبها، نتيجة وجود الإله «عدن» أو «أدن» في العبادات القديمة، ولنلاحظ أن «اليمن» بضم الياء، يعني أيضا السعد وكان الرسول
صلى الله عليه وسلم
يقول عن نفسه: أنا رجل يمان، بمعنى أنه رجل سعد، بل وقال الحديث: «إن الدين أيضا يمان، والحكمة يمانية.»
قصة الخلق بين ثقافة الصحراء وثقافة النهر1
تأسيس
معلوم، أنه بعد انحسار عصر الجليد الأخير، تقاسمت الأرض حالتان طبيعيتان، الأولى: يمكن تمييزها في تجمع شرايين المياه في أنهار، بعد استقرار أوضاع القشرة الأرضية. والثانية: وضحت في تصحر مطرد أدى إلى خفوت نبض الحياة تدريجيا، بحيث تناثرت الحياة حول عيون الماء والبرك المتباعدة، ومع ذلك التصحر المتزايد، وجدت الجماعة المشاعية الأولى - ذات النظام الأمومي - نفسها، إزاء متغير طبيعي شحيح بمطالب الحياة والمنافع، ونرى أن ذلك قد أدى بالضرورة إلى تفكيك بنية ذلك المشاع، تبعا للتفكيك الذي حدث في الطبيعة، بحيث انتهى إلى وحدات اجتماعية أصغر، وأكثر قدرة على الاستمرار والديمومة، حيث كان التجمع الكبير يعني الهلاك جوعا، والصراع على خيرات الطبيعة الضئيلة، وهو الصراع الذي - لا شك - حدث، وأدى إلى ذلك التفكيك، ثم الانتشار المتباعد للأشكال القبلية الأولى.
وعليه، فقد وجد الإنسان نفسه في البيئة المتصحرة، أمام خيارين: إما الموت جوعا، أو تدجين الحيوان، ومن هنا حتم الظرف على البدوي الاعتماد على الحيوان ومنتجاته في معاشه، اعتمادا شبه كامل، فكان يأكل لحمه ويتغذى بلبنه، ويلبس من نسيج صوفه، ومن ذات النسيج كان يبني خيامه.
অজানা পৃষ্ঠা