وتقدم، في حذر أولا ثم باستهانة، وجد نفسه في المدخل الجديد ... ورأى باب حجرة الاستقبال مفتوحا والأضواء تنير الداخل بقوة ... أما المرأة فقد اختفت، ودخل حجرة الاستقبال فطالعته بمنظر جديد مثل المدخل. أين ذهبت الحجرة القديمة بأثاثها العتيق؟! جدران حديثة الطلاء، ونجفة كبيرة تتدلى منها فوانيس من طراز إسباني، وسجادة زرقاء، وكنبة وثيرة وفوتيات مريحة، فهي حجرة فاخرة ... وفي الصدر جلس رجل غريب لم يره من قبل، نحيل غامق السمرة ذو أنف يذكر بمنقار «الببغاء»، وفي بصره حدة، ويرتدي بدلة سوداء رغم أن الخريف كان يسحب خطاه الأولى، بادره الرجل بضيق: شد ما تأخرت عن ميعادنا!
فذهل «صفوان» وغضب في آن، وتساءل: أي ميعاد؟ من أنت؟!
فهتف الرجل: هذا ما أتوقعه، النسيان! صادق أو كاذب، الشكوى نفسها، تتكرر كل يوم لا فائدة، ولكن هيهات.
فصاح صفوان بحدة: ما هذا الهذيان؟
فقال الرجل وهو يضبط أعصابه: أعرف أنك صاحب «مزاج» وأنك تفرط أحيانا.
فقاطعه: إنك تخاطبني وكأنك ولي أمري، على حين أنني لا أعرفك، ويدهشني أنك تفرض نفسك على بيت في غياب صاحبه.
وهو يضحك ضحكة باردة: صاحبه؟!
فتساءل في عنف: كأنك تشك في ذلك ... أرى ضرورة استدعاء الشرطة!
فاندفع الرجل في غضب: كي تقبض عليك بتهمة السكر والعربدة والاحتيال! - اخرس، إنك محتال وقليل الأدب.
فضرب الرجل كفا بكف، وقال: تتجاهلني لتهرب من تعهداتك، ولكن هيهات. - أنا لا أعرفك ولا أفهمك. - حقا؟! أتدعي النسيان والبراءة؟ ألم توافق على بيع البيت والزوجة، وتحديد هذه الليلة لإنهاء الإجراءات النهائية؟!
অজানা পৃষ্ঠা