قواعد العلل وقرائن الترجيح
قواعد العلل وقرائن الترجيح
প্রকাশক
دار المحدث للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٥ هـ
জনগুলি
عِلَلُ أَلْفَاظِ حَدِيثِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ ﵁ في المَسْحِ (*)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن الله ﵎ من رحمته وفضله أن بيَّن للناس ما يحتاجون إليه من أمور دينهم أتمَّ البيان، وأكمله، فأرسل رسله وأنزل كتبه، حجة للعالمين.
وكان من الأمور التي بيَّنها الله - تعالى- لعباده المؤمنين، أحكام الطهارة، فذكرها -سبحانه- في آيات من كتابه، وفصَّلها رسوله ﷺ في جملة من أحاديثه.
ومن أهم مسائل الطهارة التي بيَّنها ﷺ: المسح على الخفين. وصار من أهميتها أنْ ذكرها العلماء في كتب العقيدة؛ ردًا على من أنكر ما جاءت به السُّنة من جواز المسح.
فهذا سهل بن عبد الله التستري ﵀ قيل له: متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ فذكر أمورًا عدة منها ألا يترك المسح على الخفين (١).
وقال أبو عصمة: «سألت أبا حنيفة: مَن أهل الجماعة؟ قال: من فضَّل أبا بكر وعمر وأحبَّ عليًا وعثمان ﵄، وآمن بالقدر خيره وشره من الله، ومسح على الخفين، ولم يُكَفِّرُ مؤمنًا بذنب، ولم يتكلم في الله بشيء» (٢).
وقال أبو الحسن الأشعري ﵀: «واختلفوا في المسح على الخفين، فقال: أكثر أهل الإسلام بالمسح على الخفين، وأنكر المسح على الخفين الروافض والخوارج» (٣).
وقال أيضًا: «ويثبتون المسح على الخفين سنة ويرونه في الحضر والسفر» (٤) ومن أشهر الأحاديث الثابتة في شأن هذه السُّنة، حديث المغيرة بن شعبة ﵁، حيث ذكر فيه بعض ما لم يروه غيره من الصحابة ﵁.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا المبحث ليس في المطبوع (١) أخرجه اللالكائي في السنة (٣٢٤). (٢) أخرجه البيهقي في الاعتقاد (ص ١٦٣). (٣) مقالات الإسلاميين (٢/ ١٦١). (٤) المقالات (١/ ٣٤٨).
قال عبد الرحمن بن مهدي: «عندي ١٣ حديثًا عن المغيرة في المسح» (١).
وقال ابن المديني: «حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة» (٢).
وقال أبو نعيم بعد أن سرد ٢٣ تابعيًا: «رووا عن المغيرة عن النبي ﷺ في المسح على الخفين، منهم من ساق القصة، ومنهم من اقتصر على المسح على الخفين والجوربين» (٣).
وقال ابن عبد البر بعد سرد بعض طرقه: «وكلهم يصف ضيق الجبة ويصف إمامة عبد الرحمن بن عوف، والقصة على وجهها بألفاظ متقاربة ومعنى واحد، إلا قليلًا منهم ممن اختصر القصة، وقصد إلى الحكم في المسح على الخفين وعلى الناصية» (٤).
ولأهمية هذا الحديث، قمت بجمع طرقه عن المغيرة ﵁ من كتب الحديث والسنة - التي ذكر فيها المسح، فأربى عدد رواته على الأربعين راويًا.
أخرج الشيخان عن ثلاث من رواته فحسب، وهم:
١.عروة بن المغيرة (٥).
٢. مسروق (٦).
٣. الأسود بن هلال (٧).
ولفظ الحديث المشهور الذي رواه الثقات وخرجه أصحاب الكتب السبعة وغيرهم، يدور على "أنَّ النَّبيَّ ﷺ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ".
(١) المعجم للإسماعيلي (٢/ ٧٠٣)، ويعني بالحديث الطريق والسند. (٢) الكبرى للبيهقي (١/ ٢٨٤). (٣) معرفة الصحابة (٦٢٢٩). (٤) التمهيد (١١/ ١٣٠). (٥) البخاري (١٨٢ و٢٠٣) ومسلم. (٦) البخاري (٣٦٣) ومسلم (٢٧٣). (٧) مسلم (٢٧٤).
وزاد بعض الرُّواة عن المغيرة القصَّة كاملة، يقول فيه المغيرة ﵁: «تخلَّف رسول الله ﷺ وتخلَّفت معه، فلما قضى حاجته قال:" أمعك ماء "؟ فأتيته بمطهرة فغسل كفَّيه ووجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه، فضاق كمُّ الجبَّة، فأخرج يده من تحت الجبَّة وألقى الجبَّة على منكبيه، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه، ثم ركب وركبت، فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصَّلاة، يصلِّي بهم عبد الرحمن بن عوف وقد ركع بهم ركعة، فلما أحسَّ بالنبي ﷺ ذهب يتأخَّر، فأومأ إليه، فصلَّى بهم، فلما سلَّم قام النَّبي ﷺ وقمت، فركعنا الرَّكعة التي سبقتنا».
فزاد فيه أيضًا المسح على العمامة والرأس، وهي رواية جماعة أيضًا عن المغيرة في الصحيح.
ومن الرواة من ذكر قصة عبد الرحمن بن عوف ولم يذكر المسح فيه (١).
واقتصرت في هذا البحث على الألفاظ الخارجة عن رواية الجماعة سواء كانت في الصحيحين أم لا.
وفي البدءِ أذكر ترجمة موجزة لراوي الحديث: المغيرة بن شعبة ﵁.
قال ابن سعد عنه: «المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، ويُكْنَى أبا عبد الله، وأول مشاهده الحديبية، وولَّاه عمر بن الخطاب البصرة، ثم عزله عنها، وولَّاه بعد ذلك الكوفة، فَقُتِلَ عمر وهو على الكوفة، فعزله عثمان بن عفان عنها، وولاها سعد بن أبي وقاص، فلما ولي معاويةُ ولَّى المغيرةَ بن شعبة الكوفة، فمات بها» (٢).
وقال أيضًا: «كان يقال له مغيرة الرأي، وكان داهية لا يشتجر في صدره أمران إلا وجد في أحدهما مخرجًا» (٣).
(١) كما وقع في رواية عند الدارمي (١٤٥١). (٢) الطبقات الكبرى (٦/ ٢٠). (٣) الطبقات الكبرى (٤/ ٢٨٤).
وقال ابن جرير: «كان ضخم القامة عبل الذراعين بعيد ما بين المنكبين أصهب (١) الشعر جعده، وكان لا يفرقه. أسلم قبل عمرة الحديبية، وشهدها وبيعة الرضوان، وله فيها ذكر، وحدَّث عن النبي ﷺ، روى عنه أولاده: عروة وعقار وحمزة، ومن الصحابة: المسور بن مخرمة، ومن المخضرمين فمن بعدهم: قيس بن أبي حازم، ومسروق، وقبيصة بن ذؤيب، ونافع بن جبير، وبكر بن عبد الله المزني، والأسود بن هلال، وزياد بن علاقة، وآخرون» (٢).
ونقل الخطيب الإجماع على أنه مات بالكوفة سنة خمسين (٣).
وقال ابن حِبَان: «له سبعون سنة، وكان من دهاة قريش» (٤) أ. هـ.
روى المغيرة ﵁ حديث المسح على الخفين عن رسول ﷺ، ورواه عنه جماعة، ولبعضهم ألفاظ وزيادات على البعض.
وهذا بيان لتلك الألفاظ، وطرقها وتخريجها وبيان عللها، سالكًا فيه طريق الإيجاز والاختصار مع تمام البيان للمراد، مجانبًا للتطويل والحواشي غير المهمة، ساكتًا فيه عن حال الرواة الثقات الذين ترجم لهم المزي وابن حجر في التهذيبين.
اللفظة الأولى: عن ورَّاد كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة ﵁:" أنَّ رسول الله ﷺ مسح أعلى الخفِّ وأسفله".
كذا رواه جماعة عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن ورَّاد به، منهم:
١. الوليد بن مسلم - أخرجه أحمد (٤/ ٢٥١)، والبخاري في الأوسط (٩٨٠) - تعليقًا -، والترمذي (٩٧)، وابن ماجة (٥٥٠)، وابن الجارود (٨٤)، وأبو داود (١٦٧)، وقال: «بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء».
(١) حمرة في سواد - أساس البلاغة (ص ٢٦٠) "صهب"، والعبل: الضخم من كل شيء - لسان. (٢) الإصابة (٦/ ١٩٨). (٣) تاريخ بغداد (١/ ١٩١). (٤) المشاهير (٢٦٩).
قال الترمذي في جامعه وفي العلل الكبير (١/ ١٨٠): «هذا حديث معلول»، ونقل عن البخاري وأبي زرعة قولهما: "ليس بصحيح، لأنَّ ابن المبارك روى هذا الحديث عن ثور قال: حُدِّثت عن رجاء عن كاتب المغيرة مرسل عن النبي ﷺ، ولم يذكر فيه "المغيرة".
وقال أحمد: «لم يسمع ثور من رجاء» - التمهيد (١/ ١٤) والتنقيح (١/ ١٩٤).
وأعلَّ ابن حجر في التلخيص (٢١٩) رواية من صرَّح فيه بالتحديث.
وقال أبو حاتم: «ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح» - العلل لابنه (١٣٥).
وكذا وصفه أبو زرعة كما في العلل لابن أبي حاتم (٧٨) والعلل الكبير (١/ ١٨٠).
وقال أحمد أيضًا: «لا أرى الحديث يثبت» - تاريخ بغداد (٢/ ١٣٥).
وضعَّفه أيضًا ابن القيم في حاشيته على تهذيب السنن (١/ ٢٨٤)، ونقله عن الشافعي أيضًا، ثم قال: «الأحاديث الصحيحة كلُّها تخالفه»، فهذا السند ضعيف.
٢. عتبة بن السكن - أخرجه تمام في فوائده (١/ ٢٣٩) مرسلًا، بإسقاط المغيرة ﵁.
وعتبة قال عنه الدارقطني: متروك، وضعفه البزار، وابن حبان، والبيهقي - اللسان (٤/ ١٥٢) - فالسند ضعيف.
٣. محمد بن عيسى بن سُميع، أشار إليه الدارقطني في علله (٧/ ١٠٩)، ومحمد صدوق - التهذيب (٣/ ٦٧٠) - ولم أجد من وصله، وتفرُّد ابنِ سُميع لا يحتمل هنا.
٤. عبد الله بن المبارك، رواه عن ثور لكنه قال: حُدِّثت عن رجاء عن كاتب المغيرة مرسلًا - ذكره البخاري في الأوسط (٩٨٠)، والترمذي في جامعه (٩٧)، والدارقطني في علله (٧/ ١١٠)، والبيهقي في الكبرى (١/ ٢٩٠)، والخطيب في تاريخه (٢/ ١٣٥).
وهذا الوجه احتج به البخاري وأبو زرعة على تضعيف رواية الوليد الموصولة -كما سبق-.
وقال الدارقطني في علله (٧/ ١١١): «وحديث رجاء بن حيوة الذي فيه ذكر أعلى الخف وأسفله لا يثبت، لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلًا».
وحكى أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل أنه سُئِلَ عن حديث المغيرة بن شعبة ﵁ أنَّ النبي ﷺ مسح أعلى الخف وأسفله، فقال: هذا الحديث ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال: عن ابن المبارك أنه قال عن ثور: حُدِّثتُ عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة وليس فيه المغيرة، قال أحمد: وأما الوليد فزاد فيه عن المغيرة وجعله: ثور عن رجاء ولم يسمعه ثور من رجاء لأن ابن المبارك قال فيه عن ثور: حدثت عن رجاء» - التمهيد (١/ ١٤)، وتاريخ بغداد (٢/ ١٣٥).
قال ابن القيم: «فهذا حديث قد ضَعَّفَهُ الأئمة الكبار -البخاري، وأبو زرعة، والترمذي، وأبو داود، والشافعي- ومن المتأخرين أبو محمد ابن حزم، وهو الصواب؛ لأن الأحاديث الصحيحة كلها تخالفه» - حاشية تهذيب السنن (١/ ١٩٣).
اللفظة الثانية: قال أحمد في مسنده (٤/ ٢٥٤): «ثنا أبو المغيرة ثنا مُعان بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي ﵁ عن المغيرة بن شعبة ﵁ قال: دعاني رسول الله ﷺ بماء فأتيت خباءً فإذا فيه امرأة أعرابية قال: فقلت: إنَّ هذا رسول الله ﷺ وهو يريد ماء يتوضأ، فهل عندك من ماء؟ قالت: بأبي وأمي رسول الله ﷺ، فوالله ما تظلُّ السماء ولا تقلُّ الأرض رُوحا أحبَّ إليَّ من روحه، ولا أعزَّ، ولكن هذه القربة مسك ميتة، ولا أحبُّ أن أنجس به رسول الله ﷺ، فرجعت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فقال:" ارجع إليها فإن كانت دبغتها فهي طهورها "، قال: فرجعت إليها فذكرت ذلك لها، فقالت: أي والله، لقد دبغتها، فأتيته بماء منها وعليه يومئذ جبة شامية وعليه خفان وخمار، قال: فأدخل يديه من تحت الجبة - قال: من ضيق كميها - قال: فتوضأ فمسح على الخمار والخفين».
وهذا اللفظ بطوله منكر، مخالف لكلِّ الروايات عن المغيرة ﵁.
فعلي بن زيد هو الألهاني ضعيف - التقريب (٤٨١٧).
ومُعان مختلف فيه، فقد ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وابن عدي، والجوزجاني، ويعقوب، والأزدي، وقال عنه أحمد، وأبو داود، ومحمد بن عوف: لا بأس به، ووثقه ابن المديني، ودحيم - التهذيب (٤/ ١٠٤).
فالرجل إلى الضعف أقرب لكثرة من قال بذلك.
اللفظة الثالثة: زيادة: "هكذا أمرني ربي ﷿"، وجاءت من طريقين:
أ- الطريق الأولى: روى جماعة عن بكير بن عمر البجلي عن عبد الرحمن بن أبي نُعم عن المغيرة بن شعبة: أنَّ رسول الله ﷺ مسح على الخفين، فقلت: يارسول الله، نسيت؟ قال:" بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي ﷿ ".- أخرجه أحمد (٤/ ٢٤٦ و٢٥٣)، وأبو داود، (١٥٧)، والعقيلي (١/ ١٥٣)، وابن عدي (٢/ ٢٠٢ و٢٠٣)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٧٠) - وصححه -، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٣٣٥)، والخطيب في جامعه (١١٤٧).
وهذا اللفظ شاذ من هذا الوجه فبكير ضعيف - التقريب (٧٥٩).
وقد خالف الجماعة عن بكير راوٍ آخر هو: منديل، حيث قال عن بكير عن الشعبي عن عروة عن المغيرة بالزيادة - أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٣٧٤)، ومندل ضعيف - التقريب (٦٩٣١)، وقد اضطرب فرواه مرةً أخرى كرواية الجماعة عند الطبراني (٢٠/ ٤١٧).
ب- الطريق الثانية: قال ابن عدي في الكامل (٦/ ١٩٦): حدثنا الحسن بن الحباب المقري قال ثنا الربيع بن ثعلب قال ثنا عمرو بن جميع الحلواني عن الأعمش عن أبي ظبيان عن المغيرة بن شعبة قال: «توضأ رسول الله ﷺ فمسح، فقلت: نسيت يا رسول الله؟ فقال: " بل أنت نسيت، هكذا أمرني ربي ﷿"».
وهذا سند واهٍ، فعمرو بن جميع: متروك - اللسان (٤/ ٤١١).
وقد خالفه في إسناده ومتنه جماعة، رووه عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن المغيرة ﵁، ولم يذكروا فيه " أمرني ربي " - أخرجه البخاري (٣٦٣ و٣٨٨ و٢٩١٨ و٥٧٩٨)، ومسلم (٢٧٣). فذكر النسيان لا يصح أصلًا، وقوله: " أمرني ربي " لا تثبت في هذا الحديث، وإن كان معناه صحيحًا.
اللفظة الرابعة: ذكر التوقيت، وجاءت من طريقين:
أ - الطريق الأولى: رواه عمر بن رُدَيح عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة عن المغيرة قال: «آخر غزاة غزونا مع رسول الله ﷺ أمرنا أن نمسح على خفافنا للمسافر: ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم: يوم وليلة، ما لم يخلع» - أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٤١٨)، والبيهقي (١/ ٢٩٠).
وقوله: " ما لم يخلع " منكر، لم يأت له شاهد بخلاف أوله، فله شواهد صحيحة عن غير المغيرة ﵁.
وعمر مختلف فيه.
فقال ابن معين: صالح الحديث، وذكره ابن شاهين في الثقات وقال ابن حبان: مستقيم الحديث، بينما ضعفه أبو حاتم، وقال عنه ابن عدي: يخالف الثقات في بعض ما يرويه -اللسان (٤/ ٣٠٦).
وقال البيهقي عقبه: «تفرد به عمر بن رُدَيح وليس بالقوي».
فذكر التوقيت عن المغيرة ﵁ شاذ، لعدم ذكره في بقية الروايات عنه.
ب - الطريق الثانية: قال أسلم في تاريخ واسط (ص ٢٤٢): حدثنا الحسين بن المبارك قال: ثنا عبد الله بن رجاء عن عمر بن أبي زائدة عن ابن أبي السفر عن الشعبي عن عقَّار بن المغيرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ في المسح على الخفين: «للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن».
وهذا اللفظ بهذا السند شاذ أيضًا، فقد روى مسلم في صحيحه (٢٧٤) الحديث عن إسحاق بن منصور عن عمر ... به، بدون ذكر التوقيت بل فيه: أنه وضَّأ النبي ﷺ فتوضأ، ومسح على خفيه، فقال: إني أدخلتهما طاهرتين.
وأخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط (٤/ ٢٧) قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن رجاء ... به مطولًا، وليس فيه ذكر التوقيت، لكنه ثبت في أحاديث متواترة عن غير المغيرة ﵁.
اللفظة الخامسة: زيادة " ثم لم أمش حافيا بعد ".
قال أحمد في مسنده (٤/ ٢٤٦) ثنا عبدة بن سليمان أبو محمد الكلابي ثنا مجالد عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة قال: وضَّأت النبي ﷺ في سفر فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله، ألا أنزع خفيك؟ قال:" لا إني أدخلتهما وهما طاهرتان، ثم لم أمش حافيا بعد ". ثم صلى صلاة الصبح».
وهذه الزيادة لا تصح، لأن مجالدًا خالف كلَّ من روى الحديث عن الشعبي في السند والمتن، منهم:
أ/ زكريا - أخرجه البخاري (٢٠٦) ومسلم (٢٧٤).
ب/ عمر بن أبي زائدة - أخرجه مسلم (٢٧٤).
ج/ عبد الله بن عون - أخرجه النسائي (٨٢).
د/ يونس - أخرجه أبو داود (١٥١).
كلهم رووه عن الشعبي عن عروة عن أبيه المغيرة، فزادوا في السند لا المتن.
ومجالد ضعيف الحديث - التهذيب (٤/ ٢٤)، فهذه اللفظة لا تصح.
اللفظة السادسة: زيادة "الجوربين والنعلين"، وجاءت من طريقين:
١ - الطريق الأولى: قال الإسماعيلي في معجمه (٢/ ٧٠٣): حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن مرداس الواسطي أبو بكر - من حفظه إملاءً - قال: سمعت أحمد بن سنان يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: عندي عن المغيرة بن شعبة ثلاثة عشر حديثًا في المسح على الخفين، فقال أحمد الدورقي: حدثنا يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن أبي العالية عن فضالة بن عمرو الزهراني عن المغيرة بن شعبة "أنَّ النَّبي ﷺ توضأ ومسح على الجوربين والنعلين". قال: فلم يكن عنده فاغتمَّ».
وهذا سند حسن رجاله ثقات عدا فضالة، حيث سكت عنه البخاري في الكبير (٧/ ١٢٤) وقال: فضالة بن عمير الزهراني، وقيل ابن عبيد.
وكذا قال ابن أبي حاتم في الجرح (٧/ ٧٧)، وزاد: بصري.
وذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٢٩٦)، وقال العجلي: «بصري تابعي ثقة» - الثقات (١٤٧٨).
لكن اللفظة معلة بأمور منها:
أ. المخالفة لبقية مَنْ رواه عن المغيرة ﵁ بدونها.
ب. أنَّ الطبراني في الكبير (٢٠/ ٤٢٥) روى الحديث، فذكر الرأس والخفين، ولم يذكر الجوربين.
ج. أنَّ الحديث جاء في المذاكرة بين المحدِّثين، وقد قال ابن حبان: «ولقد كنا نجالسهم - أي حفاظ الحديث - برهة من دهرنا على المذاكرة، ولا أراهم يذكرون من متن الخبر إلا كلمة واحدة يشيرون إليها» - شرح العلل لابن رجب (١/ ١٥١).
د. أن مخرج الحديث الإسماعيلي متأخر توفي سنة ٣٧١ هـ، فأين السابقون من سلف الأمة عن هذا الحديث - لو صح -؟
وما كان هذا حاله فلا سبيل للاحتجاج به.
٢ - الطريق الثانية:
رواها أبو قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة ﵁ أخرجه أحمد (٤/ ٢٥٢)، والترمذي (٩٩) - وصححه -، وأبو داود (١٦٠)، وابن ماجة (٥٥٩)، والنسائي في الكبرى (١٣٠)، وابن حبان (١٣٣٨ - إحسان)، وابن خزيمة (١٩٨)، وغيرهم، من طرق عن الثوري عن أبي قيس به بلفظ: «توضَّأ النبي ﷺ ومسح على الجوربين والنعلين».
وهذا سند علته في أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي.
قال عنه أبو حاتم: ليس بقوي، ليس بحافظ، قليل الحديث. وحرَّك أحمد يده في أمره عندما سئل عنه وقال: هو كذا وكذا، وذكره العقيلي في الضعفاء بسبب حديثه هذا، ووثقه ابن نمير وابن حبان والدارقطني - التهذيب (٢/ ٤٩٥).
وهذا اللفظ من هذا الطريق شاذ أيضًا لمخالفته كلَّ الطرق الصحيحة عن المغيرة ﵁.
قال عبد الرحمن بن مهدي: «قلت لسفيان الثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف، أو واهٍ، أو كلمة نحوها».
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «حدثت أبي بهذا الحديث، فقال أبي: ليس يروي هذا إلا من حديث أبي قيس. قال أبي: إنَّ عبد الرحمن بن مهدي أبَى أنْ يحدِّث به يقول: هو منكر».
وقال علي بن المديني: «حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا أنه قال: ومسح على الجوربين وخالف الناس».
وقال مسلم: «أبو قيس الأودي وهزيل بن شرحبيل لا يحتملان هذا، مع مخالفتهما الأجلة، الذين رووا هذا الخير عن المغيرة، فقال: مسح على الخفين» - الكبرى للبيهقي (١/ ٢٨٤).
وقال أيضًا: «والحمل فيه على أبي قيس أشبه، وبه أولى منه بهذيل لأنَّ أبا قيس قد استنكر أهل العلم من روايته أخبارًا غير هذا الخبر ...» - التمييز (ص ٢٠٣).
ونقل البخاري عن القطان استنكاره لهذا الحديث - التاريخ الكبير (٣/ ١٣٧).
قال أبو داود: «كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة أن النبي ﷺ مسح على الخفين» - السنن (١٦٠).
وقال النسائي: «ما نعلم أن أحدًا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي ﷺ مسح على الخفين» - السنن الكبرى (٢/ ٩).
وقال العقيلي عقبه: «الرواية في الجوربين فيها لين» - الضعفاء (٢/ ٣٢٧).
وقال الدارقطني: «لم يروه غير أبي قيس، وهو مما يغمز عليه به، لأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين» - العلل (٧/ ١١٢).
وعن حكم المسح على الجوربين قال ابن المنذر: روى المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي ﷺ: علي، وعمار، وأبي مسعود الأنصاري، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وعبد الله بن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وزاد أبو داود، وأبو أمامة، وعمرو بن حريث، وعمر، وابن عباس ﵃».
قال ابن القيم عقبه: «فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيًا، والعمدة في الجواز على هؤلاء ﵃ لا على حديث أبي قيس» - حاشية تهذيب السنن (١/ ١٨٧).
اللفظة السابعة: رواها أبو عامر الخزاز عن الحسن عن المغيرة بن شعبة قال: «رأيت رسول الله ﷺ بال ثم جاء حتى توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله ﷺ على الخفين».
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١/ ١٧٠)، وفي مسنده (١١١ - المطالب)، والبيهقي في الكبرى (١/ ٢٩٢).
وهذا سند لا يصح لأمور منها:
أ. أن الحسن لم يسمع من المغيرة أصلًا.
قال الحربي في علله: «أحسب لو كان الحسن معه في بلد سمع منه» - الإكمال لمغلطاي (٤/ ٨٦).
وقال الدارقطني بعد هذا الحديث: «لم يسمع الحسن هذا من المغيرة» - العلل (٧/ ١٠٦).
وقال الذهبي: «لم يسمع من المغيرة» - السير (١/ ٨٠).
ب. أنَّ أبا عامر صالح الخزاز قال فيه ابن حجر عقب حديثه هذا: «صالح بن رستم فيه ضعف، والحسن لم يسمع - عندي - من المغيرة» - المطالب (١١١).
ج. أن قتادة - وهو أثبت أصحاب الحسن-، رواه عنه بدون ذكر المسح أصلًا، بل بذكر أصل القصة - أخرجه عنه أبو داود في سننه (١٥٣).
وهذه الرواية تفردت بذكر تفصيل كيفية مسحه ﷺ. أما قوله "مسحة واحدة" فصحيحة المعنى، حيث لم ينقل عن النبي ﷺ تكرار المسح على الخفين، والأصل عدمه.
اللفظة الثامنة: قال الطيالسي في مسنده (٧٢٧): حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة ﵁: أن النبي ﷺ مسح ظاهر خفيه».
وهذا سند علته أنَّ الطيالسي جعل عروة فيه ابن المغيرة، فخالف بذلك جماعة رووه عن ابن أبي الزناد، فسموه: ابن الزبير، منهم:
١. سليمان الهاشمي - أخرجه ابن الجارود (٨٥)، والدارقطني (١/ ١٩٥).
٢. إبراهيم بن أبي العباس - أخرجه أحمد (٤/ ٢٤٦ و٢٥٤).
٣. علي بن حُجر - أخرجه الترمذي (٩٨).
٤. محمد بن الصباح - أخرجه البخاري في تاريخه الأوسط (٩٨١)، وأبو داود (١٦٢).
٥. سعيد بن منصور - أخرجه ابن المنذر في الأوسط (١/ ٤٥٤).
فالصواب ما رواه الجماعة، ويظهر أنَّ الوهم في هذا الحديث سندًا ومتنًا من عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه.
ففي قوله "عروة بن الزبير"، قد خالف كلَّ من روى الحديث عن عروة عن المغيرة ﵁، حيث جعلوا عروة فيه ابنًا للمغيرة لا لابن الزبير.
وعبد الرحمن بن أبي الزناد ضعَّفه ابن مهدي، وأحمد - في رواية -، وابن المديني، والنسائي، وابن معين، والسَّاجي، وخالفهم الترمذي، والعجلي - التهذيب (٢/ ٥٠٤).
وقوله " ظاهر خفيه " لم ترد في بقية الطرق الصحيحة، فهي لا تثبت من حديث المغيرة ﵁، أما المعنى فصحيح بلا ريب، يشهد لها ما رواه علي بن أبي طالب ﵁ قال: «رأيت رسول الله ﷺ يمسح على ظاهر خفيه» - أخرجه أبو داود (١٦٣).
تم بحمد الله
والله أعلم وصلِّ اللهم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلِّم.
অজানা পৃষ্ঠা