355

কুতুল কুলুব

قوت القلوب

সম্পাদক

د. عاصم إبراهيم الكيالي

প্রকাশক

دار الكتب العلمية - بيروت

সংস্করণের সংখ্যা

الثانية

প্রকাশনার বছর

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

প্রকাশনার স্থান

لبنان

من الليلة لما لم ينفك أحدهما عن الآخر جاز أن يعبر عن المدة بأحدهما فيقال: ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، ومنه قول الله تعالى مخبرًا عن قصة واحدة فقال ﷿: (آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَال سَويًَّا) مريم: ١٠
ثم قال تعالى: (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا) آل عمران: ٤١ فلما لم يكن اليوم ينفك عن ليلته والليلة لا تنفك عن يومها أخبر عن أحدهما بالآخر لأن أحدهما يشبه الآخر مندرج فيه، ولا يظهر إلا أحدهما بحكمة الله تعالى وقدرته لتفاوت أحكامه فيهما، وافتراق إنعامه بهما، فإذا ظهر النهار اندرج الليل فيه بقدرته تعالى، وإذا ظهر الليل استتر النهار بحكمه تعالى، وهو حقيقة إيلاجه أحدهما في الآخر، وتحقيق تكويره أحدهما على صاحبه، فكذلك حقيقة الرجاء والخوف في معاني الملكوت إذا ظهر الخوف كان العبد خائفًا، وظهرت عليه أحكام الخوف عن مشاهدة التجلي بوصف مخوف، فسمّي العبد خائفًا لغلبته عليه وبطن الرجاء في خوفه، وإذا ظهر الرجاء كان العبد راجيًا وظهرت منه أحكام الرجاء عن مشاهدة تجلّي الربوبية بوصف مرجوّ فوصف العبد به لأنه هو الأغلب عليه وبطن الخوف في رجائه لأنهما وصفان للإيمان كالجناحين للطير، فالمؤمن بين الخوف والرجاء كالطائر بين جناحيه وكلسان الميزان بين كفتيه ومنه قول مطرف: لو وزن خوف المؤمن ورجاءه لاعتدلا فهذا أصل في معرفة حقيقة الرجاء وصدق الطمع في المرجوّ، فالمؤمنين في اعتدال الخوف والرجاء مقامان؛ أعلاهما مقام المقرّبين، وهو ما حال عليهم من مقام مشاهدة الصفات المخوفة والأخلاق المرجوّة، والثاني مقام أصحاب اليمين وهو ماعرفوه من بدائع الأحكام وتفاوت الأقسام، من ذلك أنه أنعم ﷾ على الخلق بفضله عن كرمه اختيارًا لا إجبارًا، فلما أعلمهم ذلك رجو تمام النعمة من حيث ابتداؤها، ومن ههنا طمع السحرة في المغفرة لما ابتدؤا بالإيمان فقالوا: إنّا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا إن كنّا أول المؤمنين، أي من حيث جعلنا أوّل المؤمنين من هذا المكان نرجو أن يغفر لنا بأن جعلنا مؤمنين به فرجوه منه، وقد ذم الله تعالى عبدًا أوجده نعمة ثم سلبها فأيس من عودها عليه فقال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنّا رَحْمَةً ثُم نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ) هود: ٩ ثم استثنى عباده الصابرين عليه الصالحين له فقال تعالى: (إِلا الَّذين صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هود: ١١
وروي أن لقمان ﵇ قال لابنه خف الله تعالى خوفًا لا تأمن فيه مكره، وارجه رجاء أشدّ من خوفك، قال: وكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد؟ قال: أما علمت أن المؤمن كذي قلبين يخاف بأحدهما، ويرجو بالآخر؟ والمعنى أن الخوف والرجاء وصف الإيمان لا يخلو منهما قلب مؤمن، فصار كذي قلبين حينئذ ثم إن الخلق خلقوا على أربع طبقات، في كل طبقة طائفة فمنهم من يعيش مؤمنًا ويموت مؤمنًا، فمن ههنا رجاؤهم لأنفسهم ولغيرهم من المؤمنين، إذ قد أعطاهم فرجوا أن يتمّ عليهم نعمته

1 / 361