بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد

AUTO قال الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة، مفتي المسلمين

ببلد الله الأمين، أبو عبد الله محمد ابن سيدنا ومولانا الشيخ العلامة محمد الحطاب -نفع الله به آمين-:

[مقدمة المؤلف]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد ..

فإن كتاب الورقات في علم أصول الفقه للشيخ الإمام العلامة، صاحب التصانيف المفيدة، أبي المعالي عبد الملك إمام الحرمين- كتاب صغر حجمه وكثر علمه وعظم نفعه وظهرت بركته.

وقد شرحه جماعة من العلماء -رضي الله عنهم-، فمنهم من بسط الكلام عليه، ومنهم من اختصر ذلك.

ومن أحسن شروحه شرح شيخ شيوخنا العلامة المفيد جلال الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد المحلي الشافعي (¬1)، فإنه كثير الفوائد والنكت، اشتغل به الطلبة وانتفعوا به، إلا أنه لفرط الإيجاز قارب أن يكون من جملة الألغاز، فلا يهتدى لفوائده إلا بتعب وعناية.

وقد ضعفت الهمم في هذا الزمان، وكثرت فيه الهموم والأحزان، وقل فيه المساعد من الإخوان، فاستخرت الله تعالى في شرح الورقات بعبارة واضحة، منبهة على نكت الشرح المذكور وفوائده، بحيث يكون هذا الشرح شرحا للورقات وللشرح المذكور، ويحصل بذلك الانتفاع للمبتدئ وغيره إن شاء الله تعالى.

পৃষ্ঠা ৫

ولا أعدل عن عبارة الشرح المذكور إلا لتغييرها بأوضح منها، أو لزيادة فائدة، وسميته {قرة العين لشرح ورقات إمام الحرمين}.

والله سبحانه المسؤول في بلوغ المأمول، وهو حسبي ونعم الوكيل.

পৃষ্ঠা ৬

AUTO [ترجمة الإمام الجويني] (¬1)

ولنقدم التعريف بالمصنف على سبيل الاختصار فنقول:

هو الشيخ الإمام، رئيس الشافعية، وأحد أصحاب الوجوه، وصاحب التصانيف المفيدة، أبو المعالي عبد الملك ابن الشيخ أبي محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، نسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، يلقب بضياء الدين.

ولد في المحرم من سنة تسعة عشر وأربعمائة، وتوفي بقرية من أعمال نيسابور يقال لها: بشتنقان (¬2) ليلة الأربعاء، الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

جاور بمكة والمدينة أربع سنين يدرس العلم ويفتي ، فلقب بإمام الحرمين، وانتهت إليه رئاسة العلم بنيسابور، وبنيت له المدرسة النظامية (¬3)، وله التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها (¬4)، تغمده الله برحمته، وأعاد علينا من بركاته، آمين.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(بسم الله الرحمن الرحيم) أصنف، وكذا ينبغي أن يجعل متعلق التسمية ما جعلت التسمية مبدأ له، فيقدر الآكل: بسم الله آكل، والقارئ: بسم الله أقرأ، فهو أولى من تقدير: أبتدىء، لإفادته تلبس الفعل كله بالتسمية، وأبتدئ لا يفيد إلا تلبس الابتداء به.

পৃষ্ঠা ৭

وتقدير المتعلق متأخرا لأن المقصود الأهم البداءة باسم الله تعالى، ولإفادة الحصر.

وابتدأ المصنف بالبسملة اقتداء بالقرآن العظيم، وعملا بحديث: {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر}، رواه الخطيب في كتاب (الجامع) بهذا اللفظ (¬1).

واكتفى بالبسملة عن الحمدلة إما لأنه حمد بلسانه، وذلك كاف، أو لأن المراد بالحمد معناه لغة، وهو الثناء، والبسملة متضمنة لذلك، أو لأن المراد بالحمد ذكر الله تعالى.

وفي رواية في مسند الإمام أحمد: {كل أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله فهو أبتر -أو قال: أقطع -} (¬2) على التردد.

وقد ورد الحديث بروايات متعددة، قال النووي: وهو حديث حسن.

فلما اكتفى بالبسملة عن الحمدلة قال: (هذه ورقات) قليلة، كما يشعر بذلك جمع السلامة، فإن جموع السلامة عند سيبويه من جموع القلة.

وعبر بذلك تسهيلا على الطالب وتنشيطا له، كما قال تعالى في فرض صوم شهر رمضان: {أياما معدودات} فوصف الشهر الكامل بأنه أيام معدودات، تسهيلا على المكلفين وتنشيطا لهم، وقيل: المراد في الآية بالأيام المعدودات عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، فإن ذلك كان واجبا أول الإسلام ثم نسخ.

والإشارة ب (هذه) إلى حاضر في الخارج إن كان أتى بها بعد التصنيف، وإلا فهي إشارة إلى ما هو حاضر في الذهن.

পৃষ্ঠা ৮

وهذه الورقات (تشتمل على فصول) جمع فصل، وهو اسم لطائفة من المسائل تشترك في حكم.

AUTO وتلك الفصول (من) علم (أصول الفقه) ينتفع به المبتديء وغيره.

[تعريف أصول الفقه]

(وذلك) أي لفظ أصول الفقه له معنيان :

أحدهما: معناه الإضافي، وهو ما يفهم من مفرديه عند تقييد الأول بإضافته للثاني.

وثانيهما: معناه اللقبي، وهو العلم الذي جعل هذا التركيب الإضافي لقبا له، ونقل عن معناه الأول إليه، وهذا المعنى الثاني ذكره المصنف بعد هذا في قوله: (وأصول الفقه طرقه على سبيل الإجمال) إلخ.

والمعنى الأول هو الذي بينه بقوله: (مؤلف من جزأين)، من التأليف، وهو حصول الألفة والتناسب بين الجزأين، فهو أخص من التركيب الذي هو ضم كلمة إلى أخرى، وقيل: إنهما بمعنى واحد.

AUTO وقوله: (مفردين) من الإفراد المقابل للتركيب، لا المقابل

للتثنية والجمع، فإن الإفراد يطلق في مقابلة كل منهما، ولا تصلح إرادة الثاني هنا لأن أحد الجزأين الذين وصفهما بالإفراد لفظ (أصول) وهو جمع، وفي كلامه إشارة لذلك حيث قال:

[تعريف الأصل]

(فالأصل ما بنى عليه غيره)، أي فالأصل الذي هو مفرد الجزء الأول، ما بني عليه غيره، كأصل الجدار أي أساسه، وأصل الشجرة أي طرفها الثابت في الأرض.

وهو أقرب تعريف للأصل؛ فإن الحس يشهد له كما في أصل الجدار والشجرة.

فأصول الفقه أدلته التي يبنى عليها.

وهذا أحسن من قولهم: الأصل هو المحتاج إليه، فإن الشجرة محتاجة إلى الثمرة من حيث كمالها، وليست الثمرة أصلا للشجرة.

পৃষ্ঠা ৯