ولم يكتف ورثة نظرية القرشية بدعوى الاختصاص بالولاية، ولكنهم تجاوزوا إلى ما هو أبعد من ذلك، فرووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «حب قريش إيمان وبغضهم كفر»(1). وقال: «من أهان قريشا أهانه الله»(2). وقال: «للقرشي قوة الرجلين»(3). وقال في نساء قريش: «نساء قريش خير نساء ركبن الإبل»(4). وقال: «إذا اجتمعت جماعات في بعضها قريش، فالحق مع قريش وهي مع الحق»(5). وقال: «أمان أهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، فإذا خالفتهم قبيلة صاروا حزب إبليس!!»(6). حتى أن بعض الفقهاء رأى في غمرة هذه الأخبار أن القرشي أولى بإمامة الصلاة من غيره (7).
وفي هذا قال المفكر الإسلامي الأستاذ زيد بن علي الوزير(8): «لم تقتصر قريش على ضخ مئات الأحاديث عن مكانتها وفضلها قريش بل رفعت القرشي في المعاملات فوق الآخرين. روى أبو الفرج الأصفهاني أن الوليد بن يزيد أمر بضرب محمد بن هشام فاحتج قائلا: يا أمير المؤمنين قد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يضرب قرشي بالسياط إلا في حد».
واستطاع الأمويون في ظل تلك الثقافة أن يسقطوا شرعية كثير من الثورات التي قامت ضدهم، حتى أضطر الثوار إلى تنصيب زعامات قرشية يتسترون وراءها، أما الخوارج الذين كان صراعهم مستمرا مع الأمويين، فقد أعلنوا رفض فكرة حصر الخلافة في نسب معين، وقالوا بصحتها لكل صالح قادر مهما كان نسبه.
পৃষ্ঠা ৩৭