وبالعودة إلى الحديث عن بيعة عثمان، نجد أن عليا بعد أن بين ما يجب عليه بيانه، بايع عثمان وحجزته تقواه عن إثارة أية بلبلة تضر بوحدة الأمة، بل قدم لعثمان النصح والمشورة كما يجب، ففي نهج البلاغة أنه قال له: « ما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شي ء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشي ء فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله الله في نفسك، فإنك والله ما تبصر من عمى، ولا تعلم من جهل، وإن الطرق لواضحة، وإن أعلام الدين لقائمة، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل»(1).
ولكن ضغوط التيار الأموي على عثمان كانت كبيرة ومؤثرة، أدت إلى انتقال الأثرة إلى داخل البيت القرشي، فلوحظ تقديم لبني أمية على حساب سائر بطون قريش، مما أدى إلى انتقادات واسعة وردود أفعال متعددة، أدت في الأخير إلى مقتل عثمان بعد أحد عشر عاما في الخلافة، ودخلت الأمة بعد ذلك في مواجهة مع الطلقاء وأبناء الطلقاء.
পৃষ্ঠা ৩২