ولا يسع الجندي الكريم إلا أن ينطلق مع أوليسيز، فيركب الجميع في السفينة إلى طروادة، ويلقاهم العسكر المشتاق بالبشر، ويهرع إليهم بالإيناس!
أليس في سهام هذا القادم الأعرج النصر كل النصر؟! •••
ونفخ في صور الحرب، واشتجرت الأسنة، واستحر القتال، وتبوأ فيلوكتيتس مقعدا للرماية لا يبصره فيه أحد؛ في حين يبصر هو منه كل ما في الميدان!
وراش سهامه! وتطايرت المنايا عن قوسه المرنان! وسعت إلى الطرواديين مصارعهم تهدهدها سهام هرقل، وتمهد لهايمين فيلوكتيتس!
ومرق سهم منها إلى باريس!
وكان يشرف على المعركة من أسوار إليوم! فوقع يتشحط في دمه، ويغص بريقه، ويصرخ من الألم الذي يسري في عروقه مع الدم والسم!
واجتمع حول باريس أبوه وذووه وعشيرته ... وهيلين!
وطفق الجميع يبكون في باريس إخوته، والذكريات السود التي أقبلت من كل صوب ترف فوقه وترنق على جبينه.
وأخذ الألم من باريس مأخذه، وراح المسكين يصرخ ويتلوى، غير آبه لما تغرقه به هيلين من قبلات دنسة، ودموع مسمومة، كانت الويل كل الويل على طروادة والطرواديين.
وذكر - وهو يتجرع غصص العذاب - أن حبيبته الأولى، وزهرة صباه، ووردة حبه القديم، إيونونيه، كانت قد ذكرت له أنها تعرف من خواص الأعشاب المختلفة ما يشفي أقله أشد أوجاع الجروح وأنكاها فأشار إلى بعض أهله، وطلب إليه أن يذهب إلى سيف البحر، عله يجد إيونونيه، فإذا لقيها فليخبرها بما انتهى إليه (حبيبها!) باريس، والآلام التي تعذبه وتشقيه من جراء جرح هذا السهم المسموم، بيد أن إيونونيه التاعسة ... إبونونيه المعذبة ... إيونونيه التي أخلصت لباريس الحب حتى عبدته ... ذكرت ما كان من هجر هذا الحبيب وقلاه؛ وذكرت دموعها التي ذرفتها مرة تحت قدميه، ضارعة متوسلة، وتلك القسوة التي كافأها هو بها لما أن خدعته فينوس، وأوقعته في أحبولة هيلين، فرفضت أبية شماء أن تذهب إليه، والآلهة وحدها تعلم مقدار ما كانت تكنه له - برغم هذا الرفض - من الحب النقي، والصبابة الحزينة، والهوى المتأجج المشبوب!
অজানা পৃষ্ঠা