بهيئته الهولوجرامية الغريبة، كان هذا دماغ بشري يطفو في الفضاء بحركة اهتزازية رتيبة وكأنه معلق في فضاء مغناطيسي، بجواره شيء أشبه بشاشة الكمبيوتر تظهر عليها الحروف التي تتساقط من حولي بشكل متقطع، أقول «أشبه» لأنها ليست شاشة بالضبط، ولا شيء يمكن فهمه واستيعابه، فتارة هي شاشة، وتارة أخرى مادة دخانية غريبة تدخل وتخرج من بين تلافيف الدماغ، وتارة أخرى تختفي الحروف وتحل محلها ثنائيات عشوائية متكررة للصفر والواحد (01001001).
سألت مصدر الصوت: «ما هذا؟» - «هذا أنت.» - «ماذا تعني؟» - «هذا واقعك وحياتك كما تعرفها، أنت حلم قصير في ذاكرة هذا الدماغ يستمر لجزء من الثانية، هي عشرات السنين في عالمك الافتراضي.»
سألته مذهولا: «أتقصد أنني لست حقيقيا .» - «لا يوجد شيء مما تعرفه وتعيشه حقيقي.»
وأنظر حولي، الظلام حالك إلى درجة يصعب وصفها، لدرجة أنه يمتص حتى الضوء الفسفوري الباهت الذي تشعه الحروف المتساقطة حولي، هناك مستويات من الظلام الدامس، هذا شيء آخر، ظلام لا يمكن وصفه أو تعريفه، أشد سوادا من ظلمة الرحم، ومما يراه العميان.
سواد متجانس مدلهم يصيبك بالاختناق، يستحيل أن تتخيله ما لم تره.
سألته وأنا أتلفت حولي: «أين أنا؟»
تردد الصوت: «هذا العدم كما تسميه، يصعب علي وصف هذا المكان لك، في الواقع هو ليس مكانا بالمعنى المعروف، أنت الآن في ما قبل الزمن صفر، وما قبل حقبة «بلانك»
1
ذاتها، قبل ميلاد كونك الذي تعرفه.»
بطرف عيني رأيت تلك الأشياء المتطايرة في الفضاء، فتنبهت، كانت تبعث ضوءا خافتا للغاية، ومضات خاطفة تظهر وتختفي بسرعة في المكان، تبدو كتلك الأشكال السريالية التي لا تظهر إلا في النقطة العمياء في مجال بصرك، وتختفي عندما تلتفت إليها، أو الأطراف الدقيقة المتطايرة من نيران احتراق الأخشاب، ظلت تلك الأشياء تظهر وتختفي للوجود بسرعة مذهلة.
অজানা পৃষ্ঠা