فتبسم بلوك وقال: «خيال كامل رديء، ومن حسن الحظ أن الناموس القائل أن المادة لا تفنى يعارض ما تقول» فقلت: «وأنا أيضا أعتقد أن من حسن الحظ أن القوانين التي تصدر عن معامل التدريب لا تتفق ونواميس هذا الكون المجهولة؛ فإني مقتنع بأنه إذا كنا نستطيع وزن هذا الكوكب الذي نسكنه وجدناه يقل بالتدريج».
فهز بلوك رأسه ثانيا وقال: «هذا عبث، فالمسألة أبسط جدا مما ذكرت، وهي تتلخص في أننا قد بلغنا من البراعة حدا صرنا لا نؤمن فيه بالله ثم لم نقو بعد على الإيمان بأنفسنا، أما أساس الحياة والإيمان فوالله ونفسي. تقول النوع البشري؟ ولكن هل تقدر أن تؤمن بالنوع البشري بعد هذه الحرب وهذه الحروب القاسية التي نحن على وشك النزول فيها؟ كلا. إن خيالك غريب وأظن أنك تعبث».
ثم تنهد وقال: «آه لو استطعنا أن نقف عن التفكير مدة عشر سنوات حتى ينطفئ هذا الضوء الخالب، هذه اليراعة التي تسوقنا نحو الظلام، ما أحوجنا إلى أن نصغي بقلوبنا إلى أنغام هذا الكون! يا لهذا الدماغ! إنه عضو لا يصح أن يؤتمن قد عدا طوره في الضخامة والنمو كأنه ورم».
ثم سكت برهة وشفتاه مطبقتان ثم قال في هدوء: «لو وقفت كل حركة ...».
فقلت: «الحركة تقف إذا كان كل شيء حولها يسير بسرعتها».
فنظر إلي بلوك ورفع حاجبيه وأخذ يتكلم بل يهذي بكلمات غامضة لم أفهمها، وشعرت شعورا غريبا، شعرت كأنه يمزق من نفسه خرقا بالية.
ثم وقف فجأة ومد إلي يده مودعا وسار نحو الترام، وقد تشعر وأنت تنظر إليه أن خطواته ثابتة ولكنك متى دققت النظر ألفيتها مضطربة متزعزعة، ومهما كان لباسه من حيث الجودة والنظافة فإنك تشعر أنه يجب أن يختلف الناس في لباسه وهندامه، بخلاف سائر الناس فإنهم مهما لبسوا ومهما كان زيهم لا يختلفون عن غيرهم، ولكن بلوك يختلف عنهم فهو يحتاج إلى زي آخر.
قصة الكافر
دخلت المسيحية مصر في القرن الأول الميلاد، فآمن بها الفقراء أولا، وكانوا يجتمعون اجتماعات سرية فيأخذون في الصلاة وسب الأوثان والأغنياء، ثم قوي فصاروا يجهرون بإيمانهم ويلعنون الأغنياء في الشوارع ويتصدون لهم بالسب والتشهير، وكان بعضهم يذهب خلسة إلى المعابد فيضع الأقذار على الآلهة.
وكان من مبادئ المسيحية ألا يقاوم الشر بالشر، فامتنع المسيحيون من دخول الجيش الروماني وصاروا يحضون الرومانيين على ذلك.
অজানা পৃষ্ঠা