قراءة في كتب العقائد
المذهب الحنبلي نموذجا
تأليف
حسن بن فرحان المالكي
مركز الدراسات التاريخية
---
الإهداء
المذكرة الإيضاحية والمقدمة
أولا: مصطلح العقيدة بين السنة والبدعة!!
ثانيا: الجذور السياسية للخلافات العقائدية
1- الاختلاف يوم السقيفة وموقف المسلمين منها وآثارها الفكرية:
2- وصية أبي بكر لعمر بالخلافة وموقف المسلمين منها
بيعة عثمان والشورى وموقف المسلمين منها:
4- الفتنة الأولى وآثارها الفكرية وموقف المسلمين منها:
5- بيعة علي بن أبي طالب وحدوث الفتنة الثانية وآثارها الفكرية وموقف المسلمين منها:
6- صلح الحسن وآثاره
7- الدولة الأموية وآثارها على العلم والفكر
ثالثا: نقد المذهب الحنبلي في العقيدة
1- التكفير والتبديع في كتب الحنابلة
2- التشبيه والتجسيم عند الحنابلة
3- كثرة الأكاذيب من الأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة
رابعا: تأثير العقيدة على الجرح والتعديل
خامسا: التناقض
سادسا: عدم فهم حجة الآخر
سابعا: الظلم
ثامنا: العنف
تاسعا: الافتراء على الخصوم
عاشرا: إرهاب المتوقفين
أحد عشر: سكوتهم عن الانكار على بعضهم
ثاني عشر: غلوهم في أئمتهم
ثالث عشر: ردود الأفعال
رابع عشر: عدم ادرك معنى الكلام
خامس عشر: تشريع الكراهية بين المسلمين
سادس عشر: ذم المناظرة والمحاورة
سابع عشر: التزهيد في التحاكم إلى القرآن مع المبالغة في الأخذ بأقوال الرجال
ثامن عشر: التساهل في كبائر الذنوب والموبقات مع التساهل في أمور مختلف فيها
تاسع عشر: التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين
পৃষ্ঠা ১
عشرون: تقرير شرعية الفرح بمصائب المسلمين من الفرق الأخرى الواحد والعشرون: الحكم الجائر على الآخرين - الثاني والعشرون: الأمر بقطيعة الرحم
الثالث والعشرون: النصب
الرابع والعشرون: الاستدراك على الشرع
ما البديل؟!
الخاتمة وأبرز النتائج
الحنابلة والسياسة!!
ملحق بأقوال بعض العلماء والباحثين قديما وحديثا:-
1- كلام عمرو بن مرة (118ه)
2- أقوال لابن الوزير (840ه)
3- أقوال للمقبلي (1108ه)
4- أقوال لابن الأمير (1182ه)
5- أقوال جمال الدين القاسمي (1332ه)
6- مقال لسعود الصالح
7- مقال لسعود بن عبد الرحمن النجدي
8- منصور النقيدان
9- مبحث مختصر للحكمي
وأخيرا
هذه الأقوال والأبحاث تعبر عن وجهة نظر قائليها وليس بالضرورة أن أتفق معهم في كل ما أوردوه لكنني أوردتها هنا لأن كل قول من هذه الأقوال تتفق في الجملة مع ما طرحته في هذه المحاضرة.
পৃষ্ঠা ২
الإهداء
إلى كل من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا.
إلى من يهمه عزة الأمة ومصلحة الإسلام العليا على المكاسب الشخصية والمصالح المذهبية الضيقة.
إلى من أدركه الملل من اختلاف المسلمين وتنازعهم وفشلهم!!.
إلى من قرأ التاريخ وعرف شيئا من أسرار ضعفنا.
إلى عموم المسلمين من علماء وباحثين ومفكرين وساسة.
وهو في الوقت نفسه إهداء
إلى كل المختلفين من أصحاب المذاهب سواء كانوا سنة أو شيعة أو إباضية... سلفية أو أشاعرة، إخوان مسلمون أو جماعات دعوة أو طرق صوفية...
وهو إهداء أيضا
إلى أصحاب التيارات الأخرى من المنتمين إلى علمانية أو اشتراكية أو حداثة فكرية أو ليبرالية لعلهم يجدون تصحيحا لما ألصقه المتمذهبون بدين الإسلام.
إلى هؤلاء جميعا
أهدي لهم هذه المحاولة آملا أن يجدوا فيها شيئا من الإجابات على تساؤلات وإشكالات وقضايا مطروحة في الواقع الفكري عند المسلمين وأن تساهم في كشف وتفسير الأسباب الدقيقة والعميقة والحقيقية لتراجع الحضارة الإسلامية وضعف المسلمين.
পৃষ্ঠা ৩
المذكرة الإيضاحية
من خلال ردود الأفعال حول محاضر (قراءة في كتب العقائد) التي ألقيتها في العام الماضي.
رأيت أن أكتب بعض الإيضاحات لبيان ما قد يلتبس على البعض عند قراءة المحاضرة المكتوبة التي توسعت في بعض أبحاثها لاحقا.
ومع أن معظم ما سأكتبه في هذه الإيضاحات سبق ذكره في المذكرة وفي غيرها من الكتب والمقالات إلا أن التأكيد على هذه الإيضاحات فيه فوائد حتى لا يساء فهم الموضوع وأوجز الإيضاحات فيما يلي:
أولا:
قد يكون من فضول القول التأكيد بأنني والحمد لله من طلبة الحق والعلم ومن أهل السنة والجماعة ولا أرفع من الشعارات إلا قال الله وقال رسوله(ص) متحريا الحق والصواب بحسب قدراتي واجتهادي فما أصبت فيه الحق فمن توفيق الله وفضله وما أخطأت فيه فمن ضعف أنفسنا ومن الشيطان ونستغفر الله ولا أدعي في أبحاثي السلامة من الخطأ وقد استفدت من ملحوظات بعض الأخوة فعدلت في بعض المعلومات مما سيلاحظه القارئ في النسخ الأخيرة للمذكرة ، وأرجو من إخواني تصويب ما أخطأت فيه بالدليل والبرهان وسيجدوني إن شاء الله ممن يستجيب للحق أينما كان وأيا كان مصدره ورحم الله من أهدى لي عيوبي فليس _ والله _ بيني وبين الحق عداوة وكم تمنيت أن يظهر الحق على ألسنة المختلفين معي قبل ظهوره على لساني وقبل أن يسطره قلمي.
ثانيا:
পৃষ্ঠা ৪
ليس هناك أي خطأ أو تناقض أن يقوم مسلم بنقد أخطاء المسلمين لأن الإسلام غير المسلمين ومن ذلك أن يقوم سني بنقد أخطاء أهل السنة لأن السنة غير أهل السنة ومن ذلك أيضا أن يقوم حنبلي -النشأة والتعليم والالتزام العام الواعي- بنقد أخطاء الحنابلة لأن الحنابلة غير أحمد بن حنبل مع أن أحمد بن حنبل نفسه بشر يخطئ ويصيب وهو الذي حث أتباعه على ترك التقليد عندما واجهه بعض المقلدين بأن قوله يخالف قول ابن المبارك فقال كلمته المشهورة ( إن ابن المبارك لم ينزل من السماء إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق ) وكان رحمه الله يقول ( لاتقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري وخذوا من حيث أخذوا ).
وعلى هذا الأساس ليسمح لي الأخوة الكرام أن أبين أن ما نفعله - أنا وبعض الباحثين - من نقد ذاتي لبعض جوانب الغلو أو المنكر داخل كتب أو فكر الحنابلة هو من هذا الباب ونحن لا ننتظر موافقة أحمد بن حنبل ولا الشافعي ولا غيرهما على تصحيح خطأ أو رد باطل ولكن من توفيق الله عز وجل للأئمة أنهم يأمرون أصحابهم بمحاكمة أقوالهم للكتاب والسنة ويأمرونهم بترك التقليد فيصبح المستجيب لدعوتهم أوضح في الالتزام بمنهجهم من من يقلدونهم ويأبون رد بعض أخطائهم مع أن هذا من باب رفض التقليد الذي أمرنا به الإمام أحمد وأمرنا به الشرع قبل الإمام أحمد ، والذي يستغرب جمعنا بين الانتساب للمذهب ونقد أخطاء المنتسبين إليه عليه أن يتذكر انتساب المفكرين والعلماء المسلمين للإسلام مع نقدهم أخطاء المسلمين مع أنه لا تجوز المقارنة بين الإسلام والمذهب مهما كان هذا المذهب قريبا من الحق.
পৃষ্ঠা ৫
فالإسلام يجب الانتساب إليه وترك الانتساب إليه كفر مخرج من الملة بإجماع المسلمين قاطبة ؛ أما المذهب فلا يجب الانتساب إليه بل قد يحرم إذا اقترن هذا الانتساب برد الحق المخالف للمذهب والتفاخر به على بقية المذاهب الإسلامية بمجرد التقليد والتعصب فحسب وللأسف أن هذا الانتماء المقترن بهذه الأخطاء لازال موجودا بقوة فينا وفي غيرنا.
إذن فلا تناقض أبدا بين الانتساب للمذهب ونقد أخطائه لأن الله عز وجل قد أمرنا بقول الحق ولو على أنفسنا كما في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين..) {سورة النساء:135}.
وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط 00000الآية) {سورة المائدة:8}.
ففي هذه الآيات الكريمة وغيرها توجيه للمسلمين بضرورة قول الحق والشهادة به ولو على النفس أو أقرب الأقربين، وهذا هو المنهج الواجب اتباعه، ونحن جميعا نقر بهذا من الناحية النظرية لكن يبقى اختلافنا في درجة التطبيق العملي ، والتطبيق من حيث الجملة دون المأمول بكثير، والمسلمون جميعا يعانون من تخلف الأقوال عن الأفعال ، وقد يؤذون من حاول التطبيق الصحيح لهذا المنهج القرآني.
ثالثا:
ومن الفقرة السابقة يسهل الجمع بين أقوال من يقول : إنني حنبلي سني مع نقده لأخطاء وقع فيها بعض السنة أو الحنابلة وهذا ما قمت به في محاضرة العقائد وهذا الأمر واضح والحمد لله .
وهذا لا يعني إقراري بشرعية الانتماء لغير الإسلام فالانتماء الشرعي المجزوم بشرعيته ووجوبه هو للإسلام فقط أما الانتماءات لغير الإسلام ففيها تفصيل يحسن أن نبينه هنا فنقول:
পৃষ্ঠা ৬
- أن كان الانتماء يستلزم عند المنتمي التفاخر المذهبي مع انتقاص الانتماءات المذهبية الأخرى لمخالفتها انتماءه فقط فهذا خطأ وقد نهى عنه الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما تفاخر المهاجرون والأنصار - كما في قصة غزوة المريسيع - فقال (صلى الله عليه وسلم): ما بال دعوى الجاهلية؟! وقال (دعوها فإنها منتنة) يعني عصبية جاهلية، وكثير من المنتسبين للمذاهب للأسف يقترن انتسابهم المذهبي بتفاخر وتعطيل للنقد الذاتي وببغض بقية المسلمين المنتمين لغير مذهبه وهذا من جنس التعصب الذي نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
- أما الانتماء الذي لا يلزم منه انتقاص المذاهب الأخرى ولا الازدراء بأصحابها لمجرد مخالفة المذهب فهذا ليس فيه محذور إن شاء الله؛ فهذا أشبه بالانتماء القبلي فالذي ينتمي لقبيلة وهو يعرف أن قبيلته مثل سائر القبائل فيها الخير والشر ولا يدفعه هذا الانتماء للتعصب لقبيلته وظلم القبائل الأخرى فهذا ليس فيه محذور لأنه حقيقة واقعة.
পৃষ্ঠা ৭
أما من اقترن انتماؤه لقبيلته بتعصب لقبيلته وتبرير أخطائها والهجوم على القبائل الأخرى وتناسى فضائلهم فهذه عصبية لا يرتضيها الإسلام. إذن فالمذاهب كالقبائل ليس في المذهب ولا في القبيلة خير محض ولا شر محض، وإنما يزداد الخير بزيادة الدعاة له ويزداد الشر بزيادة الدعاة له، كما أن الشر ينقص بقيام عقلاء يذمون الشر وينهون أصحابهم عن العصبية ويبينون لهم أخطاءهم ويكشفون لهم حقيقة الآخرين بأنهم مثلهم فيهم الحسن والسيئ وأن هؤلاء - الآخرين - فيهم الفضل والعلم والخير ما لا يجوز أن ننكره أو نتجاهله، وأن فينا من الأخطاء كذا وكذا مما لايجوز أن ندافع عنه أو ننكره وهكذا... فبهذا الإنصاف المبني على النقد الذاتي إذا شعرت به القبائل الأخرى دفعها هذا التواضع والإنصاف إلى مراجعة مواقفها المتعصبة أيضا.
نعم المذاهب كالقبائل من هذه الحيثيات أما الحقيقة المطلقة فهو الإسلام لا المذهبية فالإسلام هو الذي يجب الانتماء إليه وهو الذي لا يجوز نقد أية جزئية فيه، وهو الذي يجب علينا أن نؤمن بأنه حق كله وخير كله وأن به فلاحنا دنيا وأخرى ، أما المذاهب فليس لها كل هذه القدسية لأنها مبنية على اجتهادات بشرية تتحرى الحق في الجملة لكنها قد تخطئ وقد تصيب ولسنا ملزمين إلا بما وافق النصوص الشرعية.
رابعا:
পৃষ্ঠা ৮
بدايتي بنقد الأخطاء في كتب الحنابلة له أسبابه المذكورة في المحاضرة (ص81،83) وهذا لا يعني أنني أقر أخطاء المذاهب الأخرى سواء كانت سنية أو غير سنية وقد ذكرت هذا صريحا في المحاضرة (راجع المذكرة الصفحات 12-15) وذكرت أنني سأقوم بنقد مواطن الغلو في جميع المذاهب المشهورة إيمانا مني بأن بيان الأخطاء وإيضاحها يسهم في وحدة المسلمين لأن كل أصحاب مذهب لا يعرفون التواضع إلا إذا عرفوا أخطاء مذهبهم وهذا التواضع يدفع أصحاب المذاهب لتصحيح مذهبهم قبل الانشغال بنقد الآخرين.
وثمرة هذا أنه لن تكون هناك ثمرة من اتهامنا الآخرين -كالخوارج- بالتكفير إذا كنا نكفر بعض المسلمين ولا فائدة في اتهام المرجئة بالإرجاء إذا كنا مرجئة في بعض الجوانب ولا فائدة في اتهام الآخرين بالطعن في الصحابة إذا كنا نطعن في بعض الصحابة أو نسوغ طعن بعض الناس في بعض الصحابة كما لا فائدة في ذمنا من يغلو في الصالحين إذا كنا نغلو في أئمتنا وصالحينا.
পৃষ্ঠা ৯
فلا بد من أن يشعر أصحاب كل مذهب أن مذهبهم ليس بمنأى عن الأخطاء كبيرة كانت أو صغيرة ؛ فإذا شعرنا بأخطائنا كان عندنا الاستعداد التام للتصحيح والتواضع والرحمة بسائر المخطئين، أما إن شعرنا بالتفرد بالصواب وأننا فقط الناجون يوم القيامة فهذا أول الأخطاء المنهجية الكبيرة بل هو من أعظم الأخطاء التي يجب علينا تصحيحها ؛ ولن نصححها إلا إذا عرفنا الأخطاء التفصيلية التي تحتوي عليها كتبنا ووقع فيها بعض علمائنا في الماضي نتيجة خصومات مذهبية أو اجتهادات خاطئة ثم صارت منهجا لنا أبعدنا عن النظرة الموضوعية للأمور ووضع الخطأ في مكانه الصحيح دون إهمال للأصول الإسلامية الجامعة بين المسلمين ، ولن نعرف الأخطاء التفصيلية إلا بمثل هذه الأبحاث التي تتناول مصادرنا الثانوية ( كتب العلماء) لا الأولية ( القرآن والسنة) بالنقد العلمي المبني الواضح على الأدلة الشرعية.
خامسا:
لم أقصد التعميم عندما أذكر كلمة (الحنابلة) أو (السلف من الحنابلة) وقد صرحت في أكثر من موضع أنني أريد ( الغلاة) فقط أو (مواطن الغلو).
وإذا كان ما ذكرته متفرقا وغير واضح فإنني أؤكد الأمر الآن بأنني أعرف أن الحنابلة كغيرهم من أصحاب المذاهب فيهم المعتدلون المنصفون الذين يحرصون على تجنب الأحاديث الموضوعة والإسرائيليات وتجنب التكفير أو التبديع الظالم يحرصون على معرفة حق الإسلام للمسلمين الآخرين ويدعون لجميع المسلمين ويؤلمهم مصائبهم مهما كان الاختلاف كبيرا؛ خاصة وأننا في عصر نحن أحوج إلى معرفة حق الإسلام لجميع المسلمين ونحن أيضا أحوج ما نكون إلى معرفة بعضنا معرفة متوازنة بلا تزوير مدائح ولا اختلاق مطاعن ولا مبالغة في مدح أو ذم.
পৃষ্ঠা ১০
كما أننا في عصر نحن أحوج ما نكون للاعتصام بحبل الله، الاعتصام بالإسلام في أوامره ونواهيه الصريحة؛ مع منع التنازع في الأمور الاجتهادية التي تشتبه أدلتها أو دلائلها.
ولا ريب أن هذا الكلام يحتاج لتفصيل ليس هنا موضعه.
لكن الخلاصة في هذه الفقرة أن من ظن أنني أعمم الأخطاء على كل الحنابلة أو كتبهم فقد أخطأ .
لكن الذي أراه أن معظم الحنابلة اليوم ليس على تكفير أبي حنيفة وأصحابه ولا تكفير الأشاعرة ولا تكفير الشيعة من إمامية وزيدية ولا الإباضية ولا غيرها من طوائف المسلمين، كما أن كثيرا منهم لا يقرون الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات التي شحنت بها كتب العقائد أو كثير منها وإن رأينا - للأسف - من يحاول تبرير هذا أو المجازفة بإنكاره كما نشر بعض المتخصصين في العقيدة في مجلة الدعوة قبل أشهر قليلة .
لكن المشكلة أن الغلو أيضا له وجود قوي نشعر به ويكفي أن هناك كتبا وأبحاثا معاصرة لا زالت على ذم أبي حنيفة وتبديعه وتضليله ولا زال كثير من الحنابلة المعاصرين على تكفير سائر المسلمين من الطوائف الأخرى كالشيعة والمعتزلة بلا تفريق بين المعتدلين والغلاة وتضليل سائر الأشاعرة والصوفية وهم معظم المنتسبين لأهل السنة والجماعة اليوم.
ولا زال بعضهم على ذم بعض أئمة أهل البيت البريئين من غلو الأتباع مع المبالغة في مدح ملوك بني أمية وتبرير مظالمهم وقد ذمتهم الأحاديث الصحيحة والآثار الصحابية والتابعية ولبيان هذا موضع آخر.
ولتصحيح هذه الأخطاء تأتي الاجتهادات النقدية التي قد يساء فهمها.
سادسا:
পৃষ্ঠা ১১
يجب على علماء المسلمين قاطبة أن يفرقوا بين النقد الذي يراد به تبرئة الإسلام من أخطاء البشر والنقد الذي يراد به فصل دين الإسلام عن العلم والأخلاق والتشريع ؛ وإذا لم نفرق بين هذا وهذا فهي مأساة سيكون لها أبلغ الأثر على الشباب والناشئة في المستقبل القريب خصوصا مع توفر المعلومة عبر الإنترنت وغيره من وسائل الإعلام والتثقيف ، فلابد أن نكسب ثقة الشباب وتتسع صدورنا لتساؤلاتهم دون خشيتهم من إساءة فهم أو أن يستعدوا عليهم حكومة أو يحاكموهم غيابا وهم موجودون دون نظر في أقوالهم ودون وزن لهذه الأقوال بالميزان العلمي المنصف الهادئ البعيد عن المبالغة في الأمور وتحميلها أكبر من حجمها الطبيعي0
كما أنه من الخطأ التضييق على الباحثين المسلمين لأمور اجتهادية كلها داخل دائرة الكتاب والسنة حتى وإن صاحبها بعض الأخطاء، فمن بحث وألف فلا بد أن يخطئ وإذا ضاقت صدور بعض العلماء أو طلاب العلم الشرعي بأبحاث إخوانهم المتفقين معهم في الهدف والمنهج فكيف تتسع صدورهم للحوار مع باحثين آخرين يختلفون معهم في المنهج أو الهدف علما بأن هؤلاء الباحثين الآخرين - الذين لا يتفقون معنا لا في المنهج ولا في الأهداف - لا يمكن منعهم من البحث ولا استئصالهم ولا نفيهم ولو حدث مثل هذا لكان الضرر أكثر تحققا من نواح كثيرة لا تخفى على حريص على سمعة دينه ووطنه.
পৃষ্ঠা ১২
إذن فلنجرب الحوار فيما بيننا داخل دائرة قال الله ورسوله وهذا الباحث الذي نغضب منه وهو على منهجنا الذي يرفع الراية نفسها قد نحتاجه يوما من الأيام في حوار مع آخرين لا يتفقون معنا في المنهج بل قد يكون له جهود في هذا الجانب يحتسب أجرها عند الله، فقد علمت من بعض الأخوة المنتسبين للعلم الشرعي ممن قد يساء به الظن أن بعض أفراد الطوائف الدينية عندنا هنا في المملكة وثقت فيه وظنوا أنه قريب منهم فأخذوا يسألونه عن أشياء ويعرضون عليه أشياء فكان يدخل معهم في نقاشات علمية هادئة أدت لهداية بعضهم وتخفيف البعض الآخر من غلوه أو تشككه في البنية المعرفية التي كان يسير عليها ولو خشي هؤلاء بأن هذا الشخص سيتجسس على شبههم ثم يشي بهم أو يشوه مقاصدهم لما جاءوه ولما حصلت هذه النتائج التي يرجى لها النجاح الأكبر في المستقبل .
إذن فليس من مصلحتنا أن نضحي بأبنائنا الباحثين الحريصين على دين الإسلام وشريعته وإذا تصورنا أن هناك مصلحة آنية في الإضرار بفرد من هؤلاء فيجب التفكير في ضرر هذا الضرر مستقبلا على الدين والوطن؛ فضلا عن الضرر الذي ينتظره عشرات أو مئات من الباحثين في الحاضر والمستقبل ؛ وكيف يمكننا التحكم في المستقبل القادم بمفاجاءات ننسى بها اختيارات البربهاري وابن بطة.
পৃষ্ঠা ১৩
بمعنى يجب أن يكون عندنا نظرة استشرافية للمستقبل ونفكر في الإلحاد القادم وعقيدة إبطال النبوات والتنصير والعلمانية( بتعريفها الصحيح لا المتوهم ) فهذا هو الفكر الذي يجب محاصرته وإعداد الدراسات والبحوث لحماية أبنائنا منه وقد بدت بوادر هذه المصائب بين أبنائنا، ولايجوز أن نبرئ أنفسنا من المسئولية عن كل هذا ، وإذا استطعنا أن نبرئ أنفسنا عند الناس فلا أدري هل نستطيع أن نبرئها عند الله أم سينكشف الغطاء ويأتي بصر الحديد نسأل الله السلامة.
إذن فالفكر الذي يجب أن نبذل جهودنا فيه على المستوى الديني الرسمي هو هذا الخطر الذي سبق الكلام عليه أما أن نجمع كل طاقاتنا في محاربة من يقول (أخطأ ابن تيمية أو أخطأ ابن بطة) فهذا جهد ضائع كان الأولى أن نبذله في غير هذا الموضع.
وللأسف أن كثيرا من جهودنا نهدرها في أمور ليست ذات أهمية بل لعل الصواب فيها مع خصومنا وقد يكون الطرفان على خطأ ونترك الأمور البالغة الأهمية زعما منا أنها غير موجودة!! فالله المستعان.
سابعا :
ولا يعني ما ذكرته في الفقرة السادسة التقليل من شأن الرد على المتلبسين بالبدع والرد على البدعة ولكن يجب أن نحفظ لهم حق الإسلام فالمبتدع المسلم المؤدي لشعائر الإسلام لا يجوز أن نساويه بالمشرك الكافر ، بل ومع الرد على البدعة والمبتدع يجب الإنصاف فلا نجعل البدع في مستوى واحد فنستعدي علينا كل من عنده أدنى مخالفة .
ثامنا :
পৃষ্ঠা ১৪
وأخيرا فيجب أن أؤكد أنني مسلم سني سلفي حنبلي ومن زعم أنني أنتمي لمذهب آخر باهلته وهذا لا يتناقض مع نقدي لأخطاء المسلمين أو السنة أو السلفية أو الحنابلة ولا يتناقض مع الاعتراف بما عند المذاهب الأخرى من حق ولا يتناقض مع قولي بأن الانتساب الشرعي إنما هو للإسلام فقط أما الانتسابات الأخرى فليست شرعية وإنما يستفاد منها للتمييز ولمعرفة منهج الشخص في المرجعية المعرفية وطرق الاستنباط وما إلى ذلك ، ولم يكن أئمة المذاهب يرون شرعية الانتساب إلا للإسلام .
هذا ما أحببت إيضاحه هنا وأرى قولي صوابا يحتمل الخطأ وقول مخالفي في الأمور التي بحثتها خطأ يحتمل الصواب ، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وسلم
أما بعد..
كان المسلم في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) يتعلم الدين كله إيمانا وأحكاما وأخلاقا وأوامر ومنهيات جملة واحدة لا فصل للإيمانيات (العقيدة) فيها عن الأخلاق والأحكام (العمليات) وكان ما يسمى ب(العقيدة) لا يعدو أركان الإيمان المعروفة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره بل حتى هذه الأمور الستة (أصول الإيمان) لم يكن لها تلك التفصيلات المحيرة التي استحدثت في أزمنة الصراعات الكلامية، وإنما كان يؤمن بها الصحابة على وجه الإجمال دون الدخول في تفصيلات جزئية وتشقيقات كلامية تثير الاختلافات والشكوك ولا يكون لها ذلك الأثر الإيجابي على العمل والسلوك.
পৃষ্ঠা ১৫
وكان الأعرابي يأتي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فيعلمه الإسلام في لحظات يسيرة ثم يعود إلى بلاده مسلما لا أحد يشكك في إسلامه أو إيمانه (عقيدته) -حسب الاصطلاح المتأخر- رغم أنه -أقصد ذلك الأعرابي أو الرجل- لا يعرف أكثر العقائد التي استحدثت فيما بعد من قبل أهل السنة ومخالفيهم نتيجة الصراعات السياسية والمذهبية التي جعلها البعض من العقائد الأساسية.
كيف تغير الأمر؟!
ونتيجة للصراعات السياسية والمذهبية -كما أسلفنا- تضخمت العقيدة وتوسعت مسائلها وتفرق المنادون بها طوائف متنازعة يكفر بعضهم بعضا ويبدع بعضهم بعضا ويستحل بعضهم دماء بعض وخرجت العقيدة من وظيفتها التي كان ينبغي أن تؤديها من عبادة الله وحده ومعرفة عظمته ومحبته وطاعته000 إلى عمل فكري محض يورث القلوب قسوة وشكوكا والأمة فرقة وأحقادا حتى أصبحت (العقيدة) في الأزمنة المتأخرة لا تعني عند الكثير من الناس إلا تتبع بعض المسلمين كالسلفيين أو الأشاعرة ما يرونه من المخالفات الفكرية عند غيرهم من المسلمين مع تناسي الأخطاء الكبيرة لأفكارهم، ثم إتباع ذلك التتبع بالتكفير أو التبديع والتضليل والتفسيق مع الاستعداء السياسي والاجتماعي!!.
الخطأ قديم!!
পৃষ্ঠা ১৬
ويظن بعض الناس أن هذه الأمراض التي دخلت في كتب العقائد وفي عقول المسلمين من التكفير الظالم أو التبديع والتضليل -دون استناد على أدلة وبراهين صحيحة-مع نشر الأكاذيب على النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما كان في الأزمنة المتأخرة فقط وهذا نتيجة لعدم الاطلاع على كتب المتخاصمين في القرن الثالث والرابع ففيها الكثير من هذا التكفير الظالم والتبديع والتفسيق وهي الكتب التي يتحاكم إليها العقائديون المعاصرون تاركين نصوص القرآن والسنة ومحتجين -بما لا حجة فيه- بأن (السلف الصالح!!) كانوا يكفرون ويفسقون ويضللون ويفحشون القول ويفتون بقتل مخالفيهم واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم000
اضطراب المصطلح:
ويقصدون بالسلف الصالح من كان على مذهبهم في الخصومات، فمن كان منهم فهو من السلف الصالح وإن كان كاذبا فاجرا ومن كان من غيرهم فهو من السلف الطالح!! وإن كان من أعبد الناس وأصدقهم، فضابط الصلاح عند كل فرقة من فرق المسلمين بلا استثناء هو المذهبية والتعصب لها لا غير، وليس الالتزام بأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه.
فسلف الحنابلة يختلف عن سلف الأحناف والشافعية والمالكية والظاهرية وسائر الأشاعرة وسلف هؤلاء يختلف عن سلف المعتزلة والشيعة وسلف هؤلاء يختلف عن سلف الإباضية والنواصب وهكذا أصبح المصطلح (مصطلح السلف الصالح) مصطلح عائم يدور مع المذهبية أينما كانت وليس مع الصلاح وأصبح هذا الصلاح يضبط بمعايير المذهبية وليس بالقرآن الكريم ولا بما صح من السنة النبوية فمن كان معنا فهو العالم الصالح الثقة الزاهد الحريص على دينه... الخ ومن خالفنا في اجتهاد فهو المشكوك في كلامه وفي نيته بل وفي دينه! وعلى هذا فهو الكذاب المتعصب المبتدع... الخ.
পৃষ্ঠা ১৭
والنتيجة؟!
ونتيجة لهذا أصبح المفكرون والمبدعون والباحثون والمصلحون على مر التاريخ وفي كل بلد يعانون من هذه الطوائف ذات النظرة المذهبية الضيقة التي تحاول كل طائفة منها أن تجبر ذلك الباحث أو المفكر بأن يرى الإسلام من نظرتها الضيقة المتعصبة (المبغضة لما سواها من المسلمين) فإن رفض الباحث أو تحفظ اتهموه في فكره وتوجهه وإخلاصه...... واستعدوا عليه من استطاعوا استعداءه من مجتمع أو سلطة أو لصوص أو قطاع طرق.. الخ (هذا على مر التاريخ بشكل عام ولا أقصد فترة معينة).
وبهذا يبقى الصراع داخل كل مجتمع ويضمر الإبداع وتنتشر المخاوف وينشغل أبناء المجتمعات الإسلامية ببعضهم تاركين الإسلام في سموه وحقائقه الكبرى وأصوله العامة وحثه على العلم والبحث والتدبر والتفكر متجهين لجزئيات وتشقيقات ومسميات ما أنزل بها من سلطان ليجعلوها الإسلام نفسه مدعين -كذبا وزورا- أن هذا الضيق والتعصب والجهل والتكفير هو الدين الذي كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان.
ما الحل إذن؟!
لذلك رأينا أنه من اللازم علينا بيان هذا الخلل الفكري الكبير الذي عانت منه الأمة الإسلامية في الماضي وكان سببا رئيسا في النكسات التي أصابتها ولا زالت الأمة الإسلامية إلى اليوم تعاني من هذا التراث (العقائدي) البعيد في كثير من مضامينه عن تعاليم الإسلام فقد كانت معظم العقائد المدونة في كتب العقائد تعبر عن مراحل تاريخية من مراحل الصراع السياسي والمذهبي فحسب.
صعوبة الحلول:
পৃষ্ঠা ১৮
ولكن إيضاح هذا الخلل لا يتأتى بسهولة فهو بحاجة إلى كثير من البحوث والدراسات، وليت الجامعات المعنية بالعلوم الدينية تخصص جزءا يسيرا من الدراسات في نقد هذه الكتب العقائدية حتى تساهم في الإنصاف ووحدة كلمة المسلمين بدلا من إشغال الدارسين بتكريس التفرق بين المسلمين وظلم الآخرين والتقول عليهم وتضخيم أخطائهم مع التستر على (الموبقات والأخطاء العظيمة) الموجودة داخل الكتب التي نحققها وننشرها ونوصي بها.
على أية حال هذه نصيحة لا أتوقع أن تجد لها آذانا صاغية لأن الانشغال بالظلم لا يترك فرصة للتفكير في العدالة.
لماذا لا نجرب الحل؟!
ولأبدأ مساهما في نقد ما أحجم عنه الآخرون -طلبا للدنيا وإما حبا للثناء بصلابة العقيدة وحسن السيرة !! وإما إيثارا للسلامة وإما جهلا بأهمية أصول وقواطع الإسلام- وستكون البداية ببيان (مصطلح العقيدة) وكيف استحدث المتخاصمون هذا المصطلح ليتسع لتكفير وتبديع المخالفين لهم من المسلمين، مع ذكر نماذج من تلك التكفيرات والتعصبات والأكاذيب والأحاديث الموضوعة والبدع التي شحنت بها كتب العقائد من سائر المذاهب الإسلامية ولم ينج هذه الأمراض والمخالفات الشرعية مذهب من المذاهب العقدية لا الشيعة ولا أهل السنة ولا المعتزلة ولا الإباضية ولا الصوفية ولا غيرهم من طوائف المسلمين وإن اختلف هؤلاء من حيث النسبة والنوعية في كل أمر من هذه الأمور.
أثر كتب العقائد على المسلمين:
পৃষ্ঠা ১৯
لو تتبعنا أسباب نكسات المسلمين في الماضي كسقوط بغداد واحتلال الشام وفلسطين من قبل الصليبيين وسقوط الأندلس لوجدنا أن السبب الظاهر للخاصة والعامة هو تفرق المسلمين، ولو نظرنا لسبب هذا التفرق لوجدناه يكمن في الاتهامات المتبادلة بالضلالة والبدعة والكفر مع الاستغلال السياسي لهذه الطوائف إذ أصبحت كل فرقة ترى أن اليهود والنصارى والصليبيين والمغول أقرب لها من الطائفة الأخرى التي تلتقي معها في الأصول العامة للإسلام.
ولو رجعنا لسبب هذا التبادل في التكفير والتبديع لوجدنا كتب العقائد في الانتظار!! إذ كانت الكتب المؤلفة في (العقائد) هي ذاكرة هذا الفساد كله، ومحور شرعيته ومحطات انطلاق لكل خصومة بين المسلمين إذ أصبح لكل فرقة من المسلمين كتبها التي يوصي بها أتباعها ويتدارسونها ويخطبون بمضامينها مع ما فيها من تجن ومظالم ضد بقية المسلمين ممن لم يكونوا معهم في الرأي أو الجزئيات، فأصبحت الدعوة لمضامين هذه الكتب لا إلى الحق، وظهر نبز الآخرين بالألقاب السيئة والتحلي بالألقاب الحسنة، وأصبح للإسلام أكثر من اسم، وأصبح الانتساب للإسلام غير كاف عند هذه الفرق.
والغريب أن كل الفرق الإسلامية دعواها واحدة فكل فرقة تزعم أنها امتداد للسلف الصالح وللمنهج الصحيح!! وأن الفرقة الأخرى هي المبتدعة المبتعدة عن الطريق الصحيح.
وأصبحت كل فرقة تسرد أسماء بعض علماء الصحابة والتابعين في (سلفها الصالح)!! ثم تدلل على ذلك بأقوال موهمة لهذا الصحابي أو هذا التابعي، وأغلب تلك الأقوال أو الآثار تكون ضعيفة أو موضوعة وإن صحت تكون دلالتها موهمة أو غير صريحة.
পৃষ্ঠা ২০