فأما المساواة فإنا نعلم أن بين الناس تفاوتا كبيرا في الخلق، وتفاوتا في الأحكام. وهذا لوضوحه مما لا يحتاج إلى توضيح. وعليه فإن الحديث يشير إلى المساواة في الحدود، والأحكام، والقضاء. فمن ثبت عليه حقا أو حدا أو حكما فهو مأخوذ به كائن من كان.
وأما التفاضل بالتقوى فلينظر القاريء: هل كان تفضيل الله تعالى الناس في أرزاقهم ?والله فضل بعضكم على بعض في الرزق? بسبب تفاضلهم بالتقوى؟! وهل جعل الله للرجل فضلا على المرأة، وللمرأة فضلا على الرجل وجعل القوامة للرجل لأن التقوى بينهما فيها تفاضل ?الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم?؟ وهل فضل الله بني إسرائيل على العالمين ?يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين? لتقواهم الفاضل على تقوى العالمين؟...
بعد النظر سيعلم القاريء أن للحديث معنى غير المعنى الذي يذهب إليه البعض؛ فالمعنى الصحيح المستقيم المتفق مع كتاب الله العزيز:
هو أنه لا فضل لأحد على أحد عند الله تعالى إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ وهذا المعنى لا يتنافى مع تفضيل الله تعالى بعض الخلق على بعضهم في بعض الأحكام والحقوق، وذلك من باب الابتلاء والامتحان، والاختبار والتمحيص. وعلى هذا فلا تنافي بين القولين: إن الأفضل عند الله تعالى هو الأتقى والأصلح عملا؛ وإن الله تعالى جعل لأهل البيت حقوقا على الناس، وميزهم بما لم يميز غيرهم.
পৃষ্ঠা ৬