وبهذه الروايات ذهب جمع من الأئمة إلى أن الولي شرط في جواز النكاح، منهم: الشافعي(1)، ومالك(2)، ومحمد بن الحسن من أصحابنا، وكان أبو يوسف يقول به أولا ثم رجع إلى قول أبي حنيفة أنه ينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة بكرا كانت أو ثيبا بنفسها، والمسألة بدلائلها واختلافها مبسوطة في مواضعها(3).
والمقصود هاهنا أن هذه الأحاديث حكمت بكون النكاح بلا ولي باطلا، وبكونه زنا، ومع ذلك أوجب الشارع فيها المهر، ومن المعلوم أن وجوب المهر ينافي وجوب الحد، فإن إقامة الحد مع وجوب المهر، وثبوت لوازم النكاح لا يجتمعان اتفاقا، فدل على أن النكاح الفاسد شرعا يكون دارئا للحد، ومثبتا للوازمه قطعا.
فإن قلت: هذه الأحاديث غير معمول بها عند أبي حنيفة، فكيف يحتج بها له.
قلت: ظاهر هذه الأحاديث متروك عنده، لا أنه ترك العمل بها مطلقا، بل هو يجعل على صفة الأول إلى البطلان باعتراض الولي إن كان الذي تزوجت به غير كفؤ لها، وعلى أنها مخصصة بما إذا لم تكن للمرأة ولاية على نفسها كالأمة والصبية، وهذا أقرب التأويلين، ذكره ابن الهمام في ((فتح القدير))(4)، فلا يلزم من ترك العمل بظاهرها عدم الاحتجاج بها مطلقا.
على أن التقرير إن كان للإلزام كفى في ذلك ذهاب غيره إلى ظاهرها، وإن لم يذهب هو إليه.
পৃষ্ঠা ৭৮