فمن ذلك ما أخرجه مالك(1) في ((الموطأ))، والشافعي(2) وغيرهما، عن سعيد بن المسيب(3)، وسليمان بن يسار(4): إن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخففة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال عمر: أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم كان الآخر خاطبا من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم اعتدت من الآخر ثم لا يجتمعان أبدا(5) .
ففي هذا الأثر أن نكاح معتدة الغير مع كونه فاسدا شرعا لم يجعل عدما مطلقا، بل اعتبر في سقوط الحد وفي وجوب العدة على المعتدة.
وأخرج الطحاوي عن إبراهيم بن مرزوق: نا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، نا مالك عن ابن شهاب، عن سعيد وسليمان مثله.
وعن يونس: نا ابن وهب، نا يونس، عن ابن شهاب عنهما مثله.
وعن إبراهيم بن مرزوق: نا وهب بن جرير، نا هشام عن قتادة، عن سعيد بن المسيب بلفظ: إن رجلا تزوج امرأة في عدتها، فرفع إلى عمر، فضربهما دون الحد، وجعل لها الصداق، وفرق بينهما، وقال: لا يجتمعان أبدا.
قال: وقال علي رضي الله عنه: إن تابا وأصلحا، خطبها مع الخطاب.
وقال: أفلا ترى أن عمر قد ضرب المرأة والزوج المتزوج في العدة، فاستحال أن يضربهما وهما جاهلان بالتحريم؛ لأنه كان أعرف بالله من أن يعاقب من لم تقم عليه الحجة، فلما ضربهما دل ذلك على أن الحجة قد كانت قامت عليهما بالتحريم قبل أن يفعلا، ثم هو لم يقم عليهما الحد.
وقد حضره أصحاب رسول الله فتابعوه ولم يخالفوه، فهذا دليل صحيح على أن عقد النكاح إذا كان لا يثبت وجب له حكم النكاح في وجوب المهر بالدخول الذي يكون بعده، وفي العدة منه، وفي ثبوت النسب، وما كان يوجب ما ذكرنا فيستحيل(1) أن يجب به حد؛ لأن الذي يوجب الحد هو الزنا، والزنا لا يوجب ثبوت النسب، ولا مهر ولا عدة. انتهى(2).
পৃষ্ঠা ৭৫