وكان الإمام الهادي موصوفا من حال صباه بفضل القوة والشدة والبأس، والشجاعة والاشتغال بالعلم، وكانت اليمن عند قدومه تحت أبي العتاهية الهمداني، الذي كان من ملوك اليمن، وكان قدومه اليمن مرتين: الأولى عام 280ه أيام الملقب بالمعتضد، وهو في الخامسة والثلاثين، وكان قدومه من مقره في جبل الرس بالحجاز بعد وصول وفد من اليمنيين يضم مشائخ وعلماء ووجهاء طلبوا منه الخروج معهم إلى اليمن، وبايعوه إماما يصلح ذات بينهم، ويقيم أحكام الشريعة الإسلامية، ويوحد اليمن، وينقذها من براثن الفتن، وكان أن وصل إلى الشرفة من بلاد نهم في لواء صنعاء في رحلة استطلاعية عرض خلالها نفسه على القبائل اليمنية في المنطقة، طالبا منهم المساندة في دعوته لنصرة الحق وإقامة العدل على حد ما جاء في رسائله، ولكنه لم يلق الاستجابة التي كان ينتظرها، ومن ذلك أن أفرادا من الجند عبثوا وعاثوا فسادا، وعندما أراد تأديبهم؛ تعصب لهم مشائخهم، فما كان منه إلا أن جمع القوم، وأعلن خلع بيعتهم.
وفي عام 284ه عاد إلى اليمن، ووصل الإمام لستة أيام خلون من شهر صفر من نفس العام، وتمكن فور وصوله إلى صعدة من حسم خلافات الفريقين، وأخذ العهد من بعضهم لبعض، ثم أخذ منهم البيعة له على طاعته ونصرته، وبدأ في صعدة بتأسيس أول حكم للأئمة الزيدية في اليمن، ومنها بث الإمام رسله ورسائله إلى مختلف مناطق القسم الأعلى من اليمن، وولى على الأماكن التي والته.
পৃষ্ঠা ৬