وهذا الخلاف لم أجده ظاهرا بين (الأحكام) و(المنتخب)، ولا نقله الإمام أبي طالب ولا المؤيد بالله، ولكن يمكن تأصيل ما ذهب إليه صاحب (الانتصار) من هذا الخلاف إلى ما جاء في (المنتخب) عند التطرق لبعض نواقض الوضوء؛ إذ حكم الإمام الهادي بوجوب إعادة الوضوء من أوله بخروج الريح؛ فقال: "إذا كان شيء مما ينقض الطهور مثل سيل الدمل أو البثرة أو الرعاف أو القيء أو الريح أو المذي(1) أو الدود يخرج أو ما أشبه ذلك أعاد منه الطهور من أوله ابتداء ؟"(2)، ولو كان الاستنجاء من الريح واجبا؛ لما فرض الإعادة من أوله، والله أعلم.
وأما صاحب (البحر)؛ فقد ساق قولا للإمام الهادي، ولم يشر للقول الآخر، وهذه الاشارة تكفي منه للدلالة على وجود قولين، فقال: "(قه)(3)...: ويجب الاستنجاء من الريح"(4).
وأمام هذا الخلاف الغير مجمع عليه؛ فإني أميل إلى أن رأي الإمام الهادي هو القول بوجوب الاستنجاء؛ لأن الإمام الهادي في (الأحكام) و(المنتخب) قد صرح واجتهد بأن غسل الفرجين من فروض الوضوء؛ وذلك لعلل وأسباب كثيرة؛ منها في المقام الأول فيما أعتقده -والله أعلم- هو أنه قد يخرج مع الريح نجاسة، ولا يستطيع أي متحذلق أن يدعي أنه يضمن عدم خروج شيء من الأذى مع الريح، وبذلك فافتراض غسل الفرجين في الوضوء نابع من هذا ، والله أعلم.
পৃষ্ঠা ২০