وقد يستدل لقول أبي حنيفة برواية أبي(6)داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال: نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس في المصحف. فإن الأصل أن النهي يقتضي الفساد.
وقال في ((الذخيرة)): كان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يقول في التعليل لأبي حنيفة: أجمعنا على أن الرجل إذا كان يمكنه أن يقرأ عن المصحف، ولا يمكن أن يقرأ عن ظهر قلبه، أنه لو صلى بغير قراءة، أنها تجزيه، ولو كانت القراءة من المصحف جائزة لما أبيحت الصلاة بغير قراءة، ولكن الظاهر أنهما لا يسلمان هذه المسألة، وبه أخذ بعض المشايخ. انتهى.
ولما ثبت أن التلقن من المصحف مفسد عنده، فتأويل أثر ذكوان إن صح محمول على أنه كان يراجعه قبيل الصلاة، قاله الزيلعي في ((شرح الكنز))(1).
وقيل: هو ما دل بأنه كان يحفظ في كل شفع مقدار ما يقرأ في الركعتين. فظن الراوي أنه كان يقرأ من المصحف، قال العيني في ((شرح الهداية)): ويؤيده ما ذكرنا من أن القراءة عن المصحف مكروهة، ولا نظن بعائشة رضي الله عنها أنها كانت ترضى بالمكروه، وتصل خلف من يصلي بصلاة مكروهة. انتهى(2).
إذا عرفت هذا كله فأقول: لو أخذ المقتدي من المصحف وفتحه على إمامه يفسد صلاة الكل سواء كان المصحف قد حمله المقتدي ويقلب أوراقه، أو لا بأن يجلس هناك رجل يحمله ويقلب أوراقه، وإن كان بادي النظر يقتضي عدم الفساد في الشق الثاني لعدم العمل الكثير، وهو الذي أوقعهم في الورطة الظلماء، فضلوا وأضلوا وهلكوا وأهلكوا.
পৃষ্ঠা ১৩