الصَّلَاةُ فِيهِ، وَمَا عَرَضَ الشَّيْطَانُ فِيهِ - كَالْمَكَانِ الَّذِي نَامُوا فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ - كُرِهَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ.
وَالْفُقَهَاءُ الَّذِينَ لَمْ يَنْهَوْا عَنْ ذَلِكَ: إِمَّا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا هَذِهِ النُّصُوصَ سَمَاعًا تَثْبُتُ بِهِ عِنْدَهُمْ، أَوْ سَمِعُوهَا وَلَمْ يَعْرِفُوا الْعِلَّةَ فَاسْتَبْعَدُوا ذَلِكَ عَنِ الْقِيَاسِ فَتَأَوَّلُوهُ.
وَأَمَّا مَنْ نَقَلَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَوْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ خِلَافَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَوَضَّئُونَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ: فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا تَوَهَّمَ ذَلِكَ لِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ: " أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ "، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ أَكْلَ مَا مَسَّ النَّارَ لَيْسَ هُوَ سَبَبًا عِنْدَهُمْ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَالَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ لَيْسَ سَبَبُهُ مَسَّ النَّارِ، كَمَا يُقَالُ: كَانَ فُلَانٌ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَذْيٌ.
[مرور الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ بين يدي المصلي]
وَمِنْ تَمَامِ هَذَا: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي صَحِيحِ مسلم وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أبي ذر وَأَبِي هُرَيْرَةَ ﵄، وَجَاءَ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِمَا: أَنَّهُ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ»، وَفَرَّقَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ؛ بِأَنَّ " الْأَسْوَدَ شَيْطَانٌ "، وَصَحَّ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ صَلَاتِي،
1 / 31