الله في وجود العالم إما أن يكون حاصلا في الأزل أو لا يكون، فإن كان حاصلا في الأزل لزم أن لا يتخلف العالم عن الله، إذ لو تخلف لكان وجوده بعد ذلك إما أن يكون لأمر فلا يكون تمام ما به التأثير حاصلا في الأزل وقد فرض كذلك هذا خلف، وإن كان لا لأمر لزم الترجيح بلا مرجح وهو محال. وأما إن لم يكن كل ما لا بد منه في المؤثرية حاصلا في الأزل ثم حصل بعد ذلك فحصوله إن كان لا لأمر لزم الترجيح بلا مرجح وهو محال، أو لأمر فيكون الكلام فيه كما في الأول ويلزم التسلسل أو الدور، وهما محالان.
(الشبهة الثانية) قالوا: مؤثرية الله تعالى في وجود العالم أمر مغاير لهما، لامكان تعقل كل منهما مع الجهل بكون الله مؤثرا في العالم، ولأنها نسبة بينهما والنسبة مغايرة للمنتسبين.
ثم ليست عبارة عن أمر سلبي، لأن قولنا " كذا مؤثر في كذا " نقيض قولنا " ليس بمؤثر فيه " الذي هو أمر سلبي، ونقيض السلبي ثبوتي، فكانت المؤثرية أمرا ثبوتيا زائدا على ذات المؤثر، فإما أن يكون محدثا فيفتقر إلى مؤثرية أخرى، والكلام فيها كالكلام في الأول ويلزم التسلسل وهو محال، أو قديما مع أنه صفة إضافية يستدعي ثبوت المضافين، فيلزم من قدمها قدم العالم وهو المطلوب.
(الشبهة الثالثة) كل محدث فلا بد وأن يكون عدمه قبل وجوده، ولا يجوز أن تكون تلك القبلية نفس العدم، لأن العدم قبل كالعدم بعد، وليس القبل بعد، فإذن هي مفهوم زائد على العدم حاصل بعد أن لم يكن فله قبل. والكلام فيه كالكلام في الأول، فهناك قبليات لا أول لها تلحق موصوفا لذاته، وذلك هو الزمان، فإذن الزمان لا أول له، وهو من لواحق الحركة التي هي من لواحق الجسم
পৃষ্ঠা ৬০