ولما كان البحث حول موضوع وإعداد رسالة في جانب معين من جوانب الأصول أو الفقه مقررا علي باعتبار كوني طالبا في الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير، وقع اختياري على هذا الموضوع بعله التردد الكثير والتأرجح الطويل بين موضوعات مختلفة من الأصول والفقه، إذ غاية ما كنت أتوخى أن أنتقي موضوعا جديرا بالبحث وحريا بالدراسة، ويكون ممتعا في ذاته، فكان موضوع "القواعد الفقهية" هو الذي انصب عليه الفكر، وانتهى إليه الأمر بعونه سبحانه وتعالى .
وإضافة إلى جدارة الموضوع وعظم شأنه كمانت هناك دوافع أخرى حفزتني على هذا الموضوع، ويمكن أن أوردها فيما يلي باختصار تام: أولا : إنه لما سنحت ببالي فكرة هذا المووع وأجلت النظر فيما يتعلق به تبدى لي من خلال كتابات مسبقة للعلماء المعاصرين في هذا المجال أن الموضوع لم يزل يحتاج إلى مزيد من العناية، ولا تزال هناك جوانب شاغرة في هذا الباب بحيث يعوزها النضج والاكتمال، مع اعترافي بأن عديدا من الجهود والأبحاث في هذا الميدان كانت ذات شأن وابتكار.
ثانيا: إن هذا الموضوع ما زال موضوعا غظا يستجيب لحل كثير من المسائل والحوادث الجديدة، وذلك لأنه يتضمن كثيرا من القواعد التي تتمتع بسعة ومرونة بجانب كونها محيطة بكثير من الفروع والمسائلم فمن نظر إلى هذه القواعد مثل قولهم : المشقة تجلب التيسير، الضرر يزال، إذاضاق الأمر اتسع، العادة محكمة، لا ينكر تغير الأحكام - المبنية على الأعراف والمصالح - بتغير الزمان ، أدرك سعة آفاق الفقه الإسلامي، وكفاءته الكاملة لتقديم الجلول الناجعة للمسائل والمشكلاتل المستحدثة، وصلاحيته لمسايرة ركب الحياة ومناسبته لجميع الأزمنة والأمكنة .ا ثالثا: كان من دواعي التفكير في هذا الموضوع الذي أخذ بمجامع قلبي أن ه لم يصل إلى علمي تأليف كتاب مخصوص في هذا الفن ببلاد الهند، وكاد أن يبقى هذا العلم مغبونا في تلك البلاد، رغم الجهود الجلمية الجبارة التي قام بها علماؤها في كل علم وفن، وشهد لهم في ذلك أهل الفضل في كل مكان . فهذا مما زادني شوقا وحدا بي أن أدلي بدلوي بالقدر المستطاع
পৃষ্ঠা ২৬