نهاره وليله في غير كلال،
15
لا يقعد به حر الظهيرة، ولا برد السحر، ووراءه بضع مئات من غلمانه وجنده قد امتطوا صهواتهم عليهم السلاح والزرد يتبعونه فارغين من الفكر في أمر اليوم والغد، بما عودهم مولاهم من الطاعة، فإنهم ليمضون لما أمرهم، لا يسألون فيم خرجوا ولا أين يقصد بهم؟
وذهبت الخيل تدقدق على صخور البادية، وإن سنابكها لتقدح الشرر، واختلطت صلصلة اللجم ودقدقة الخيل بصليل السلاح وخشخشة الزرد، فتألف من ذلك موسيقا لها في سكون البادية ترجيع وصدى، والركب منطلق في طريقه إلى «الرقة»،
16
حيث عسكر إسحاق على الشاطئ الشرقي من نهر الفرات في انتظار مقدم أبي العباس بن الموفق وغلمانه ...
في ذلك الوقت كان فارس آخر عليه شعار الطولونية قد جاوز حدود مصر إلى الشام يؤيده أسطول بحري قد جاوز مضيق دمياط ومضى موازيا له في البحر؛ لتحصين الشواطئ الشامية، هذا الفارس هو أبو عبد الله الواسطي وزير الدولة الطولونية ورفيق نشأتها، وقد عقد له خمارويه بن طولون ملك مصر وبرقة والشام والثغور على جيش كبير، وأخرجه للقاء إسحاق.
ولكن أبا عبد الله الواسطي لم يكد يفصل عن أرض مصر حتى عرض له أمر من أمره فتوقف برهة، وبلغه حين وقف رسول من قبل الموفق في بغداد عليه سواده،
17
وفي يده كتاب من الموفق، ونظر أبو عبد الله في الكتاب، ثم أطرق ساعة يفكر في أمره وأمر هذه الدولة الناشئة التي وزر
অজানা পৃষ্ঠা