فيما بقي من الطعام، يحمل منه إلى داره ما يشاء.»
وأقبل الناس على طعامهم راضين هانئين، ثم صدروا عن دار الأمير في يد كل منهم سفرة لعياله، وبينه وبين الأمير ميعاد على مائدته.
وصار ذلك شأن الأمير كل يوم في رمضان، ثم كل يوم بعد رمضان.
ومثل بين يديه صاحب صدقاته، فقال: «يا مولاي، لقد بلغت نفقات مطبخ الأمير في اليوم ألف دينار، وبلغ ما دفعناه إلى المعوزين من مال الصدقة ألفين في ساعات من النهار!»
قال الأمير: «لا عليك من ذلك، إنما هو مال الله، استودعنا إياه لأهل عارفته،
21
فلا تقبض يدك عن البر بأحد.»
قال: «أيد الله الأمير، فإنا نقف حيث جرت العادة بتوزيع الصدقة، فربما امتدت إلينا الكف المخضوبة، والمعصم فيه السوار والكم الناعم، أفنمنعها أم نعطيها؟»
قال الأمير: «ويحك! هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، احذر أن ترد يدا امتدت إليك.»
وذاعت في العامة أخبار الأمير أحمد بن طولون، وتحدث الناس بألطافه وبره وعفته وتقواه، وروى راويهم ما عرفه عنه في طرسوس، وأخبر مخبرهم بما سمع عنه في سامرا، وقال قائلهم: نعم الأمير أبو العباس! وقال السامع: يا ليتها دولة تدوم.
অজানা পৃষ্ঠা