واستفزها قوله فبدت كاللبؤة الهائجة، وصاحت: خلقني الله سيدة لا أنت، لقد ارتضيت هذه الحياة بعد توسلاتك الحارة، فهل نسيت هذا؟ لست أسيرة أو عبدة لك، تحقيق ومحضر، ماذا تظن بي؟ هل اشتريتني بمالك؟ إذا كانت حياتي لا تعجبك فليذهب كل منا إلى حال سبيله.
يا رب السماوات أهكذا تستحيل الأظافر المدللة إلى مخالب؟ إن كنت في شك من الليلة البارحة فاستخبر هذه اللهجة الوقحة، جنس نمرود ابتليت به فتجرع الألم حتى الثمالة، انهل من الإهانة حتى تكتفي، والآن ما جوابك! بأعلى صوتك اصرخ في وجهها: اخرجي إلى الطريق الذي التقطتك منه. اصرخ، أجل اصرخ، ماذا يمنعك؟ لعنة الله على ما يمنعك، خيانة القلب شر من ألف خيانة، هذا هو ذل القلوب الذي كنت تسمع عنه وتهزأ منه، شد ما أكره نفسي إذ تحبها. - تطردينني؟
بنفس النبرات المحتدة الغاضبة: إذا كان معنى هذه الحياة أن تحبسني هنا كالرقيق وأن ترميني بالتهم كلما حلا لك، فمن الخير لي ولك أن ننتهي.
وأدارت عنه وجهها؛ فتأمل عارضها وصفحة عنقها في هدوء غير طبيعي بالذهول أشبه. أقصى ما أسأل الله من سعادة أن أنبذها دون مبالاة، هي ذلك وحنقك، ولكن هل تطيق أن تعود إلى هذا المكان فلا تجد لها من أثر؟ - لم أكن شديد الثقة في نبلك، ولكني لم أتصور أن يذهب بك الجحود هذا المذهب! - تريدني حجرا لا شعور له ولا كرامة! - أنت أحقر من هذا لو تعلمين ... بل أريدك شخصا يعرف للجميل حقه وللعشرة حقها.
مغيرة لهجتها من الغضب إلى السخط والتشكي: فعلت لك أكثر مما تصور، ارتضيت أن أهجر أهلي وعملي لأبقى حيث تريد، حتى الشكوى كتمتها كي لا أكدر صفوك؛ فلم أشأ أن أصارحك بأن «بعض الناس» يود لي حياة خيرا من هذه، فلم ألق إليهم بالا!
أثمة متاعب أخرى لم تقع لي في حسبان؟ تساءل كالجريح: ماذا تعنين؟
فعكفت على أسورة ذهبية تديرها حول ساعدها الأيسر، وهي تقول: رجل محترم يريد أن يتزوجني ويلح في ذلك بلا ملل.
الحرارة والرطوبة يخنقانك خنقا، أما «العكننة» فقد فغرت فاها لتبتلعك، ما أسعد هذا الملاح الذي يطوى شراعه أمام النافذة! - من هو؟ - رجل لا تعرفه، فسمه كيف شئت!
تراجع خطوة، ثم جلس على كنبة تتوسط مقعدين كبيرين، وشبك راحتيه فوق مقبض عصاه وهو يسألها: متى رآك؟ وكيف علمت برغبته؟ - كان يراني كثيرا حينما كنت أقيم مع خالتي، وفي الأيام الأخيرة كان يحاول مكالمتي كلما صادفني في طريقه، ولكني تجاهلته؛ فحرض إحدى صديقاتي على إبلاغي رغبته، هذه هي الحكاية.
ما أكثر حكاياتك، عندما افتقدتك أمس قاتلني ألم واحد، لم أفطن وقتذاك إلى كل هذه الآلام والمتاعب، اتركها إن استطعت، اهجرها، فهجرها هو سبيل السلام. أليس الناس مخطئين في تصورهم أن الموت شر ما يبتلون؟ - أحب أن أعرف صراحة، هل تودين قبول هذا العرض؟
অজানা পৃষ্ঠা