কাব্য ও ছবি: যুগে যুগে কবিতা ও চিত্রকলা
قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور
জনগুলি
إذا كانت بعض قصائد الشعر الحديث قد حاولت أن تشكل نفسها على غرار الصورة دون التقيد بصورة محددة، فإن بعضها الآخر قد اتجه إلى استكشاف الألوان والخطوط والإيقاعات في عالم فنان بعينه دون التقيد كذلك بصورة محددة من مجموع إنتاجه ... (على نحو ما فعل عدد من الشعراء الذين تجدهم في هذا الكتاب مع عالم بروجيل وشاجال وبيكاسو وميرو). وتبرز في هذا الجانب قصيدة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي «آيات من سورة اللون» التي تتألف في الواقع من قصيدتين متصلتين كتبت أولاهما سنة 1974م للرسام «سيف وانلي»، وكتبت الثانية سنة 1977م للفنان عدلي رزق الله.
34
ولا شك في أن مهمة الشاعر مع الرسام الأول لم تكن يسيرة؛ إذ وجد نفسه يعيش لحظات انتظار إيحاءات وإلهامات شعرية من إيحاءات وإلهامات لونية! ولا بد من أنه شعر في لحظات الوجد والفناء تلك أن عالم الشاعر والرسام عالم واحد في جوهره، وإن اختلفت الوسائط والوسائل في كليهما: «يرقد العالم في بلورة يغسلها ماء المطر. ها هي ذي اللحظة تأتي. أهو اللون، أم الإيقاع ما تصطاده، أو ربما تسلمه نفسك، حتى يغمر الموج التجاعيد، ويلهو بخصيلات الشعر؟!» ويتابع الشاعر رحلة اللون وهو يهبط من الياقوت للفضة للعشب، ثم يعلو سلم الصوت «فقاقيع من الأضواء لا تلبث حتى تنفجر». ويندمج الشاعر المتفلسف مع الرسام المتصوف في لحظات الجذب اللونية، حيث يتعانق اللون مع الإيقاع، ويستسلم الفنان لرؤاه الواردة عليه وهي تبدو في هيئة وعل نادر «ينعم بالألفة والدفء، ويجتر العكر»، أو ديك ينقر بخيمات السحر، أو بحارة أغراب يرقصون في الملهى. وكلها رؤى تركض أمامه «ركض الغيم في وجه القمر»، ويتداخل فيها اللون مع الصوت، وعليه أن يستمع إلى نصيحة الشاعر فينتظر رجوع الصيف، ويحاول مرة أخرى مع الضوء الذي لا ينتظر ...
ويدخل الشاعر نفسه تجربة أخرى مع الرسام عدلي رزق الله. ولوحات هذا الفنان بحار لونية تهدر فيها أمواج الأحمر والبرتقالي والأخضر والأصفر، يصور فيها إحساسه بالطبيعة وتكويناتهما الأصيلة، ويعبر عن تفجر ينابيعها العميقة، ودفء جذورها العريقة، مع رهافة أضوائها وأوراقها وزهورها الشفافة، وتدفق صيرورتها المرتعشة بنبضات الحياة وتوتراتها الخلاقة. وهي تكوينات متكررة يتفاعل فيها وهج الألوان الساطعة الفاقعة مع الألوان والخطوط والإيقاعات المتماوجة الحالمة، وكأنك أمام سيمفونية لونية تسمعها بالعينين - إن جاز هذا التعبير - وتراها بالأذنين، وتفاجأ في كل مرة بأنغامها اللاهبة أو الشاحبة، وإيقاعاتها القاتمة أو الفاتحة: «قطرتان من الصحو، في قطرتين من الظل، في قطرة من ندى». ولما كان اللون الأحمر بتدرجاته المختلفة هو الغالب على صور هذا الرسام، فقد استنبط منه الشاعر دلالات معنوية على الحياة الحرة والثورة المنتظرة، وعبر عنها في إيقاعات قرآنية:
قل هو اللون!
في البدء كان،
وسوف يكون غدا،
فاجرح السطح.
إن غدا مفعم،
ولسوف يسيل الدم!
অজানা পৃষ্ঠা