قال روبرت، متقبلا خيبة أمله على مضض: «لا، الجمعة سيناسبني تماما.» ثم أردف قائلا: «هل يناسبكما أن تأتيا عند الظهر؟» «لا بأس، هذا مناسب تماما. الساعة الثانية عشرة بعد يوم غد، في مكتبك. إلى اللقاء، وأشكرك مرة ثانية على دعمك ومساعدتك.»
أنهت المكالمة، بكل حزم وسلاسة، من دون الثرثرات التمهيدية المعتادة التي قد توقعها روبرت من النساء.
سأل بيل برو أثناء خروجه إلى ضوء النهار الخافت داخل مرأب السيارات: «هل لي أن أجلبها لك؟» «ماذا؟ آه، السيارة. لا، لن أحتاج إليها الليلة، شكرا لك.»
انطلق في جولته المسائية المعتادة عبر هاي ستريت، محاولا بصعوبة ألا يشعر بالتجاهل. لم يكن حريصا على الذهاب إلى منزل فرنتشايز في المرة الأولى، وكان قد أبدى تردده بصورة واضحة تماما؛ وهي كانت تتجنب بتلقائية تكرار نفس الملابسات. ولأنه قد حدد موقفه من أمرهما على أنه مجرد مهمة عمل، يرجى حلها في مكتب، بصفة غير شخصية. لذا، هما لن يجعلاه ينخرط مجددا في الأمر أكثر من ذلك.
حسنا، فكر، وهو يرتمي في مقعده المفضل إلى جانب المدفأة في غرفة الجلوس ويفتح الجريدة المسائية (التي طبعت ذلك الصباح في لندن)، أنه عند قدومهما إلى المكتب يوم الجمعة بإمكانه أن يفعل شيئا حتى يسند الأمر على أساس شخصي. حتى يمحو ما ترسخ في الذاكرة عن ذلك الامتناع البغيض الذي أبداه في المرة الأولى.
إن هدوء المنزل العتيق خفف عنه. كانت كريستينا قد اختلت بنفسها في غرفتها يومين، منهمكة في الصلوات والتأمل، والعمة لين كانت في المطبخ تعد العشاء. وهناك خطاب مبهج من ليتيس، أخته الوحيدة، التي كانت قد قادت شاحنة عدة سنوات أثناء حرب دموية، فوقعت في حب رجل كندي طويل هادئ، وكانت تعكف الآن على تربية خمسة أطفال شقر أشقياء في مقاطعة ساسكاتشوان. أنهت خطابها قائلة: «تعال لزيارتنا قريبا يا عزيزي روبين، قبل أن يشب الأطفال الأشقياء وقبل أن تنمو الطحالب حولك مباشرة. أنت تعلم كم أن العمة لين خطر عليك!» كان بإمكانه أن يسمعها وهي تقول هذه الكلمات. فهي والعمة لين لم تكونا على وفاق قط.
كان يبتسم، مسترخيا وغارقا في الذكريات، عندما بدد هدوءه وسلامه اقتحام نيفيل.
سأله نيفيل بحدة: «لم لم تخبرني بأنها هكذا؟!» «من هي؟» «تلك السيدة التي من عائلة شارب! لم لم تخبرني؟»
قال روبرت: «لم أتوقع أنك ستقابلها.» ثم أردف قائلا: «كل ما كان عليك فعله هو أن تلقي الخطاب عبر الباب.» «لم يكن في الباب فتحة لألقيه عبرها؛ لهذا دققت الجرس، وكانتا قد عادتا للتو من المكان الذي كانتا فيه. على أي حال، لقد كانت هي من أجابت.» «ظننت أنها تغفو في وقت ما بعد الظهر.» «لا أظن أنها تنام أبدا. فهي لا تمت إلى السلالة البشرية بصلة على الإطلاق. إنها جسد مدمج من النار والمعدن.» «أعلم أنها سيدة عجوز فظة للغاية، لكن لا بد أن تلتمس لها الأعذار. لقد تعرضت لظروف صعبة ...» «عجوز؟ عمن تتحدث؟» «عن السيدة شارب العجوز، بكل تأكيد.» «لم أر من الأساس السيدة شارب العجوز. أتحدث عن ماريون.» «ماريون شارب؟ وكيف عرفت أن اسمها ماريون؟» «هي من أخبرتني. إن الاسم يليق بها، أليس كذلك؟ لا يمكن لها أن تكون أي شيء سوى ماريون.» «يبدو أنك أصبحت تألف المعارف على الأبواب بدرجة ملحوظة.» «أوه، لقد قدمت لي الشاي.» «الشاي! ظننتك متعجلا بشدة لمشاهدة الفيلم الفرنسي.» «لن أتعجل بشدة قط لأفعل أي شيء عندما تدعوني سيدة مثل ماريون شارب على الشاي. هل لاحظت عينيها؟ لكنك بالطبع لاحظت. فأنت محاميها. تلك الدرجة المذهلة من اللون الرمادي المائل إلى البندقي. والنمط الذي يستقر به حاجباها أعلاهما، مثل أثر فرشاة لرسام نابغة. إنهما حاجبان يشبهان الجناح. لقد ألفت قصيدة عنها في طريق عودتي إلى المنزل. أتود سماعها؟»
قال روبرت في حزم: «لا.» ثم أردف قائلا: «هل استمتعت بالفيلم؟» «لم أذهب لمشاهدته.» «لم تذهب لمشاهدته!» «أخبرتك بأني احتسيت الشاي مع ماريون بدلا من ذلك.» «تقصد أنك قضيت «وقت ما بعد الظهر» بأكمله في منزل فرنتشايز!»
অজানা পৃষ্ঠা