عدم تحقق الموضوع في هذه الأزمنة الا به وأين هذا من اعتبار الاجتهاد في القاضي مطلقا فنصب الأئمة (ع) من لا يعلم بالحكم الا من قولهم لا ينافي ما نقول به في زماننا ومن هنا يعلم فساد ما تمسك به بعض الذاهبين إلى كفاية التقليد في الحاكم من انا نعلم ضرورة بعدم الاجتهاد لكل من نصبه الإمام (ع) في زمان حضوره فيدل على كفاية التقليد وعدم اعتبار الاجتهاد هذا كله مضافا إلى ربما يدعى من دلالة المقبولة على اعتبار الاجتهاد لمكان قوله (ع) نظر في حلالنا وحرامنا لأن الظاهر منه اعتبار النظر والاجتهاد في الحلال والحرام مضافا إلى أن العالمين بالأحكام من قول الإمام (عليه السلام) كان لهم عام وخاص ومطلق ومقيد ومعارض وسليم عن المعارض وأمر ونهي ومجمل ومبين و محكم ومتشابه إلى غير ذلك كزماننا هذا فالقول بعدم الاجتهاد لهم فاسد جدا غاية الأمر سهولة الخطب في ذلك الزمان وصعوبته في زماننا هذا لكنك خبير بفساد هذه الدعوى حيث إن استنباط الحكم من الطرق المتعارفة عند أهل اللسان بحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد والمجمل على المبين إلى غير ذلك لا يكون اجتهادا قطعا نعم انكار وجود الاجتهاد في زمان الأئمة (عليهم السلام) مطلقا حتى للغائبين عن حضوره عليه السلام خلاف الانصاف مضافا إلى دلالة بعض الروايات عليه فالأولى في الجواب ما ذكرنا من أن اعتبار الاجتهاد في زماننا من جهة عدم امكان تحصيل العلم بدونه واما دعوى دلالة لفظ نظر عليه فضعيفة جدا للمنع عن كونه بمعنى الاجتهاد كما لا يخفى.
فان قلت إن المراد من الاحكام إن كان هو الكل كما هو مقتضى الجمع المضاف حيث لا عهد فيخرج المجتهد أيضا لعدم وجود مجتهد كان عالما بجميع الاحكام بل ظانا بها. ولازمه عدم جواز الحكم له وهو مخالف للاجماع بل الضرورة فلا بد من طرح الرواية وإن كان البعض فيشمل اطلاقها المقلد أيضا فانا نفرض حصول العلم للمقلد في بعض المسائل من قول مجتهده.
قلت بعد تسليم كون الجمع المضاف مفيدا للعموم إما أولا فلا بد من أن يخرج عن هذا الظاهر و صرفه إلى غيره بقرينة فهم الأصحاب فنقول ان المراد منه ليس الجميع ولا البعض بل الجنس ولا شك في عدم صدقه في حق المقلد وصدقه في حق المجتهد واما ثانيا فبان نقول إن العموم بحاله الا ان المراد منه العموم العرفي لا الحقيقي ولا ريب في صدقه في حق من علم كثيرا من الاحكام وإن لم يعلم كلها.
فان قلت إن ما ذكرته في رواية أبي خديجة في مقام الرد على المستدل بها لجواز الحكومة من أن الامر بالرجوع إلى العالم بالحكم يقتضي اعتبار اعتقاد المخاطب في ذلك فلا يدل على وجوب الرجوع الا بالنسبة إلى من علم المخاطب بكونه عالما بحكم الله فيخرج عن محل الفرض يجئ بعينه فيما نحن فيه أيضا فنقول ان الامر بالرجوع إلى من جمع فيه الصفات المذكورة في المقبولة انما يقضي بوجوب الرجوع إلى من جمع فيه الصفات باعتقاد المأمور لقضية ما ذكر في المشهورة فيخرج عن محل الفرض لكونها داخلة حينئذ في عداد الأمر بالمعروف.
قلت بعد الغض عما ذكرنا أخيرا في المشهورة من أن المراد من العلم فيها هو العلم العرفي ولا ريب في صدقه في حق المجتهد ان في مقام قرينة على كون المراد من العلم والمعرفة هو العلم باعتقاد الحاكم دون المحكوم عليه وهي فرض الراوي تعارض الحكمين (الحاكمين خ) في الحكم لان التعارض لا يمكن الا بان يكون المراد من المعرفة هي المعرفة باعتقادهما وإلا فلا يمكن تعارض الحاكمين العارفين بالحكم في نظر المحكوم عليه لأنه مستلزم للتناقض في اعتقاده وكذا جواب الإمام (عليه السلام) بالرجوع إلى الأفقه والأعدل مطلقا من غير تقييد له بصورة التوافق في الاعتقاد يصير قرينة على كون المراد من العارف في المقام من كان عارفا بالحق باعتقاد نفسه فافهم وتأمل.
পৃষ্ঠা ১০