منصوبين منه فلا بد من أن يسمع مقالتهم لان الجعل قد حصل فلا دلالة للتعليل المذكور على كون وجوب الالتزام بالزامهم من جهة تأثير الالزام مع قطع النظر عن حقية الملتزم به عند المحكوم عليه فتأمل واما ثالثا فلان جعل العلم بمعنى مطلق الاعتقاد الشامل للظن خلاف الظاهر فلا داعي إلى ارتكابه بل قد يمكن أن يدعى عدم استعماله فيه ابدا وأوهن منه ما ذكره الفاضل القمي من أن المراد من العلم الظن بعلاقة وجوب العمل فان استعمال العلم في خصوص الظن مما لم يعهد بينهم (منهم خ) هذا واما رابعا فلانه بعد تسليم صحة الاستعمال المذكور لا يكفي المستدل ذلك ولا يغنيه من جوع لعدم اشتراط حصول الظن من فتوى المجتهد ظنا شخصيا للمقلد بالاجماع بل لا بد من أن يرجع إليه وإن لم يحصل له ظن بل وان حصل الظن على الخلاف فلا بد من أن يقولوا بتعميم اخر وهو كون المراد من العلم الأعم من الاحتمال الواجب العمل وفساده غني عن البيان واما ما تخليه من أنه لو أبقى العلم على ظاهره لخرج المجتهد أيضا منه فخيال فاسد لأنا نقول إن المراد من العلم في مثل هذه القضايا هو العلم العرفي ولا ريب في صدقه على من علم وعرف كثيرا من الاحكام وإن كان ظانا في الباقي بعدما كان مقصوده الأولى تحصيل العلم بالواقعة ومعلوم ان المجتهد ليس جميع مستنبطاته ظنية بل كثير منها قطعية علمية يعلم بموافقة جملة منها للواقع وإن لم يعرفها بعينها فقوله (ع) يعلم شيئا من قضايانا صادق في حقه قطعا بخلاف المقلد فإنه لا يطلق عليه العالم عند العرف فصدق العالم على المجتهد لا يتوقف على حصول العلم بمعنى الاعتقاد أو خصوص الظن بعد ما عرفت من أن المراد من العالم هو العالم العرفي وهذا أمر ظاهر بعد المراجعة إلى العرف الا ترى انهم يقولون فلان عالم بالنحو أو الصرف أو غيرهما مع أنه لم يكن جازما بأكثر مسائله (مسائلها خ) فإن شئت قلت إن التصرف انما وقع في النسبة لا في الكلمة فبعد ما كان هذا النحو من الاطلاق شايعا عند العرف لا احتياج لنا إلى صرف الكلمة عن ظاهرها فادعاء كون المراد من العلم هو الظن الواجب العمل ضعيف جدا نعم لو قال أحد بان المراد من الحكم الأعم من الظاهري والواقعي والمقلد وإن لم يكن عالما بالحكم الواقعي لكنه عالم بالحكم الظاهري كالمجتهد في مظنوناته لم يكن في الضعف كسابقه وإن كان هو أيضا ضعيفا فافهم واما خامسا فلانه بعد تسليم ذلك كله و كون الرواية شاملة باطلاقها للمقلد والمجتهد كليهما نقول إنه لا بد من تقييد اطلاقها بمقبولة عمر بن حنظلة لكونها أخص منها لأن الظاهر من فقراتها الثلاث وهو قوله روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا هو اعتبار العلم كما لا يخفى فادعاء كونها أعم أيضا نظرا إلى صدق المعرفة والنظر في حق المقلد كما صدر عن بعض الأفاضل مما لا يصغى إليه بعد ما عرفت من الظهور على خلافه.
فان قلت بعد تسليم كون المقبولة ظاهرة في اعتبار العلم وعدم كفاية التقليد نمنع من دلالتها على اعتبار الاجتهاد حيث إنه أعم منه والعام لا يدل على الخاص مضافا إلى حصول العلم الضروري لكل أحد بان المنصوبين من قبل الأئمة (ع) في زمان حضورهم الذاهبين إلى البلدان البعيدة والقريبة بل الموجودين في بلدهم (ع) لم يكونوا كلهم مجتهدين عالمين بالأحكام باعتبار ملكة الاستنباط بل انما كانوا سئلوا الامام من الاحكام و علموا بها من جهة جوابه (ع) وهذا مما لا يحتاج فيه إلى قوة الاستنباط بل لا مدخل لها فيه فالقول باعتبار الاجتهاد كما هو المطلوب مما يدل عليه المقبولة بل تدل على عدمه سيما بملاحظة ما ذكرنا أخيرا.
قلت لسنا قائلين بدلالة المقبولة على اعتبار الاجتهاد في الحاكم وانما نقول بدلالتها على اعتبار العلم فيه ولكنا نقول أنه لا يمكن تحصيل العلم بالأحكام الشرعية في زماننا هذا الا بملكة الاجتهاد فاعتبار الاجتهاد ليس من جهة دلالة المقبولة عليه بل من جهة عدم حصول العلم في زماننا هذا وأشباهه الا به فاعتبار الملكة انما هو من جهة
পৃষ্ঠা ৯