في اخذ الأجرة على الواجبات من حيث منافاته لقصد التقرب المعتبر فيها ففيه أولا انه لا منافاة بينهما في المقام حسبما عرفت فيه تفصيل الكلام وثانيا انه منقوض بما ثبت فيه النيابة مع الأجرة بالاجماع والنصوص المستفيضة كالحج وان أراد عدم امضاء الشارع لها في تلك العبادات الا في صورة التبرع نظرا إلى اختصاص ما ورد فيها من - الاخبار بصورة الصلة والاحسان والتبرع وعدم ورود خبر يدل على حكمها الوضعي وكونها مما يترتب عليها الأثر مع قطع النظر عن التبرع بها فيقتصر فيها بما قد ورد فيه الامضاء الشرعي ولا يجوز التعدي عنه إلى غيره نظرا إلى كون جواز النيابة بمعناها الوضعي خلاف الأصل فيقتصر في الخروج عنه بصورة وجود المخرج ففيه أولا ثبوت الأخبار الدالة على حكمها الوضعي مع قطع النظر عن حكمها التكليفي والتبرع بها كما هو ظاهر لمن تتبع الاخبار وشاهد الآثار المأثورة من الأئمة الأطهار عليهم سلام الله الملك القهار فمنها رواية حماد بن عثمان قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ان الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح تنفع الميت حتى أن الميت يكون في ضيق فيوسع عليه ويقال ان هذا عمل ابنك فلان وبعمل أخيك فلان أخوك في الدين إلى غير ذلك مضافا إلى كفاية ما ورد في الحج من التعليل بقوله ان دين الله أحق بالقضاء لذلك كما لا يخفى وثانيا سلمنا اختصاص ما ورد فيها من الاخبار بصورة الاحسان والتبرع بها وعدم ورودها في مقام بيان حكمها الوضعي أصلا واختصاصها ببيان حكمها التكليفي وكونها مستحبة فيما لو تبرع بها لكن نقول إنه لما كان الحكم التكليفي في المقام متفرعا على الحكم الوضعي حيث إنه لا يعقل استحباب النيابة من باب الاحسان والصلة مع عدم وصول شئ إلى المنوب عنه فلا محالة يكون كاشفا عن الحكم الوضعي وكون النيابة من حيث هي هي مع قطع النظر عن التبرع بها صحيحة ممضاة في نظر الشارع والا لزم ثبوت الحكم التكليفي وهو استحباب النيابة من دون الوضعي وهو صحة النيابة وهو محال.
والحاصل انه كما قد يكون الحكم الوضعي كاشفا عن الحكم التكليفي من حيث فرعيته له وعدم تحققه بدونه كذلك قد يكون الحكم التكليفي كاشفا عن الحكم الوضعي من حيث الوجه المذكور فثبوته كاشف عن الحكم الوضعي قبله كما أن ثبوت الحكم الوضعي في الصورة المفروضة كاشف عن ثبوت الحكم التكليفي قبله.
فان قلت هب ثبوت الملازمة فيما نحن فيه بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي بملاحظة ما ذكرت من الوجه من الاستحالة بين استحباب الاحسان إلى الغير وعدم وصوله إليه ابدا لكن نقول إنه لا امتناع في أن يجعل الشارع الحكم التكليفي والوضعي معا بجعل واحد في صورة الملازمة من غير أن يكون أحدهما كاشفا عن ثبوت الأخر قبله فليكن فيما نحن فيه أيضا كذلك فمن الجايز ان نقول إنه قد جعل الشارع الحكم الوضعي للنيابة بجعل الحكم التكليفي لها فلا يتعدى عن مورده وهو صورة التبرع بها فلا يمكن ان يقال حينئذ بثبوت الحكم الوضعي لها في غير الصورة المذكورة نظرا إلى كونه خلاف الأصل محتاجا في الخروج عنه إلى دليل.
قلت بعد تسليمك كون الحكم التكليفي في المقام متفرعا على الحكم الوضعي لا يمكنك القول بامكان جعلهما بجعل واحد لامتناع جعل المحمول والموضوع بجعل واحد بل لا بد ان يكون جعل الموضوع مقدما على جعل المحمول وجعل المحمول متأخرا عنه حسبما يقضي به العقل البديهي من كون ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له فلا بد ان يكون جعل المحمول كاشفا عن جعل الموضوع قبله حسبما هو قضية البرهان المذكور فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر هذه خلاصة ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله في مجلس البحث.
পৃষ্ঠা ৩০