ﷺ، مثل حُجَره التي كان يقيم بها ليلًا ونهارًا، ومثل الغيران الني حلّ بها، كغار ثور، وغار حراء، وغير ذلك من البقاع، فإذا لم يكن الصحابة يقصدون هذه البقاع للدعاء والصلاة؛ فغيرها أولى أن لا يقصد.
وجوانب البيت لا تستلم، ولا تقبّل، وقد طاف ابن عباس ومعاوية ﵄، فكان معاوية يستلم الأركان الأربعة، فقال له ابن عباس: إن رسول الله /١٧أ/ ﷺ لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، فقال له معاوية: ليس من البيت شيء مهجور، فقال له ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. فسكت معاوية، ووافق ابن عباس لما بين له السنة.
وعلى هذا فقهاء المسلمين قاطبة، فما سوى الكعبة، كالصخرة، وغيرها، لا تستلم، ولا تقبّل، كما لا يطاف بها، وليس في الأرض مكان يطاف به إلا الكعبة، كما أنه لا قبلة إلا الكعبة، مع أن الصخرة كانت قبلة، فمن اتخذها اليوم قبلة فهو كافر، والطّواف بها، وبأمثالها، أعظم من اتخاذها قبلة؛ فإن الطّواف لم يشرع قطّ إلا بالبيت العتيق، ولا حرم يحرم صيده ونباته إلا حرم مكة، وكذلك حرم المدينة عند الجمهور، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة. ووادي وَج بالطائف حرم عند الشافعي، لحديث روي فيه، وأكثر العلماء يقولون: ليس بحرم، وضعف أحمد حديثه، وما
1 / 53