إبراهيم، ومحمد، صلى الله عليهما، وهما أفضل الخلق؛ فغيرهما أولى أن لا يسن استلام مقامه، فإن الاستلام إنما هو بركن بيت الله عبادة لله، كما أن الطواف إنما هو ببيت الله عبادة لله، لا يكون ببيت مخلوق.
ولم يكن الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، يسافرون إلى قبر الخليل ﵇، /١٦أ/ ولم يكن ظاهرًا، بل كان على المغارة بناء، وليس له باب مثل حجرة النبي ﷺ، وإنما نقب عليه بابًا النصارى الكفار، لما استولوا على تلك البلاد، وجعلوه كنيسة، وعلى مثل ذلك لعنهم النبي ﷺ حيث اتخذوا قبور الأنبياء مساجد.
فلم يكن أحد من الصحابة يسافر لزيارة قبر إبراهيم وأهل بيته، وأكثر الناس لم يكونوا يعرفون أن هناك قبر الخليل، ولهذا تنازع الناس فيه، بل كانوا يأتون إلى المسجد الأقصى، ولا يذهبون إلى تلك القرية، وكان ذلك قربه، ولم يكن قبر الخليل ظاهرًا يدخل إليه، فإن سليمان ﵇ بنى عليه حجرة فكان مسدودًا، وليس عليه علامة يعرف بها، وقد قيل: إنه أول ما أظهر في سنة بضع وثلاثمائة في خلافة المقتدر، لما حدث في الإسلام حوادث كثيرة، واستطال الكفار والمنافقون على أهل الإسلام في ذلك الوقت.
والأحاديث التي رويت في ليلة المعراج أنه قيل للنبي ﷺ: انزل فصلّ، فهذا يثرب، أو فهذا طور موسى، أو قبره، أو هذا قبر الخليل، كلها كذب، قد بين الحفاظ كذبها، وإن كان قد خفي حال بعضها على بعض
1 / 51